اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 558
بديهة لا يفتقر إلى إقامة بينة ولا قيام حجة (وكونه صلى الله تعالى عليه وسلم متحدّيا به) أي طالبا لمعارضته ولو بأقصر سورة (مَعْلُومٌ ضَرُورَةً وَعَجْزُ الْعَرَبِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِهِ) أي المتحدين به الموجودين في زمنه (معلوم ضرورة وكونه) أي القرآن (في فصاحته) أي وبلاغته (خارقا للعادة معلوم ضرورة للعالم) بكسر اللام وفي نسخة صحيحة للعالمين أي للعلماء (بالفصاحة ووجوه البلاغة) أي لمقاماتها المقتضية (وسبيل من ليس من أهلها) أي من أهل المعرفة بفنون الفصاحة ووجوه البلاغة (علم ذلك) بكسر العين وفي نسخة بصيغة الماضي معلوما وقيل مجهولا والأول هو المعول أي هو أن يعلم كون القرآن في الفصاحة والبلاغة معجزة خارقا للعادة (بعجز المنكرين) أي لكونه كلام الله تعالى (من أهلها عن معارضته واعتراف المقرّين) أي بكونه كلامه (و) اعتراف (المفترين) أي القائلين بافترائه (بإعجاز بلاغته) أي لهم عن مناقضته (وأنت) أي أيها المخاطب (إذا تأمّلت) أي من جهة الإيجاز الباهر في الإعجاز الظاهر (قوله تعالى: وَلَكُمْ) أي ولغيركم (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [البقرة: 179] ) أي المودع فيه من بدائع التركيب وروائع الترتيب مع ما فيه من المطابقة بين معنيين متقابلين وهما القصاص والحيات ومن الغرابة بجعل القتل الذي هو مفوت الحياة ظرفا لها ومن البلاغة حيث أتى بلفظ يسير متضمن لمعنى كثير فإن الإنسان إذا علم أنه إذا قتل اقتص منه دعاه إلى ردعه عن قتل صاحبه فكأنه أحيى نفسه وغيره فيرتفع بالقصاص كثير من قتل الناس بعضهم بعضا فيكون القصاص حياة لهم مع ما في القصاص من زيادة الحياة الطيبة في الآخرة وهو أولى من كلام موجز عندهم وهو أن القتل أنفى للقتل في قلة المباني وكثرة المعاني وعدم تكرار اللفظ المنفر للحظ وفي الإيماء إلى أن القصاص الذي بمعنى المماثلة سبب للحياة دون مطلق القتل بالمقابلة إذ ربما يكون سببا لفتنة فيها قتل فئة وفساد جماعة (وقوله) بالنصب (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا) أي عند موتهم أو بعثهم أو وقت هلاكهم (فَلا فَوْتَ) أي لهم من الله بهرب وسبب غريب (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ [سبأ: 51] ) أي من ظهر الارض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار قعرها أو من نحو صحراء بدر إلى قليبها (وقوله تعالى ادْفَعْ) أي سيئة من أساء إليك من الكائنات (بِالَّتِي) أي بالحسنة التي (هِيَ أَحْسَنُ) الحسنات أو بالخصلة التي هي أحسن الأخلاق في المعارضات من الحلم والصبر والعفو وما يمكن دفعها به من المستحسنات (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) أي صديق قريب رفيق (وقوله وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) أي انشفي (وَيا سَماءُ أَقْلِعِي [هود: 44] ) أي أمسكي (الآية) يعني وغيض الماء أي نقص وقضي الأمر أي أمر هلاك الأعداء وانجاء الأحباء واستوت استقرت السفينة على الجودي جبل بالموصل أو الشام روي أنه ركبها عاشر رجب وهبط منها بعد استقرارها عليه عاشر شهر المحرم وصامه فصار سنة وقيل بعدا للقوم الظالمين أي هلاكا لهم حين وضعوا العبادة في غير موضعها وفي نداء الأرض والسماء مع أنهما ليستا من العقلاء إيماء إلى باهر عظمته وقاهر قدرته حيث انقادتا
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 558