اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 552
بأقصر سورة (مِثْلِهِ) أي تماثله في بلاغة مبانيه وفصاحة معانيه فإنكم عربيون مثلي بل أنتم مشهورون بالخطابة نظما ونثرا من قبلي (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي استعينوا بمن يمكن استعانتكم به من غير تعالى على الإتيان بسورة مثله لا به فإنه تعالى قادر عليه بانفراده (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يونس: 38] ) أي في أنه أتى به من عنده (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) أي في شك وشبهة (مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) أي في كل سورة (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [الْبَقَرَةِ: 23] إِلَى قَوْلِهِ وَلَنْ تَفْعَلُوا [البقرة: 24] ) وهو قوله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أنه سبحانه وتعالى ما انزله عليه وما أوحاه إليه فإن لم تفعلوا أي في الحال ولن تفعلوا أي في الاستقبال فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ فهذه الآية منادية عليهم بعجزهم عن المعارضة في الأزمنة الحاضرة مع إخباره سبحانه وتعالى بأن الخلق كلهم عاجزون عن الإتيان بمثله إلى يوم القيامة (وقوله) أي وأصرح من هذا كله قوله تعالى (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ) ومنهم أصناف العرب (وَالْجِنُّ) ومنهم أنواع الملائكة (عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ [الْإِسْرَاءِ: 88] ) في كمال مبناه وجمال معناه (الآية) يعني قوله لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً أي متعاونين على الإتيان بمثله وقال الدلجي ولم يدرج الملائكة في الفريقين مع عجرهم أيضا عنه لأنهما المتحديان به انتهى ولا يخفى أن إدراجهم معهم كما حررنا هو الأولى فإنه أظهر في المدعي لا سيما وقد قال بعض العلماء بأن نبينا مبعوث إلى الملائكة بل إلى الخلق كافة كما قررناه في محله اللائق به (وقيل) أي في آية أخرى وفي نسخة وقل (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ [هود: 13] ) أي مختلقات من عند أنفسكم وحاصله أنه ألزمهم الحجة بإتيان قرآن مثله ثم أرخى العنان بتنزله إلى عشر سور مثله ثم تحداهم بسورة واحدة كائنة من عندهم تسهيلا للأمر عليهم وتسجيلا بنداء العجز لديهم كذا قرره الشراح وهو المستفاد مما سيأتي وكلام المصنف على ما حرره وفيه أنهم من أول الوهلة طولبوا المعارضة لا بعد تمام القرآن سورة وسورة والقرآن كما يطلق على الكل يطلق على البعض كما عرف في علم الأصول بما يؤيده من دليل المنقول والمعقول فالوجه أن المراد بالقرآن قدر ما تتعلق به المعجزة وهو اقصر سورة أو قدرها من آيات وحروف وكلمات ويقويه قوله تعالى فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ وعلى كل تقدير فالتحدي بعشر سور مثله تهكم بهم في إثبات عجزهم (وذلك أنّ المفترى) بفتح الراء على ما صرح به الحلبي وغيره (أسهل) أي أهون تلفيقا (ووضع الباطل والمختلق) بفتح اللام أي المكذوب (على الاختيار) أي اختيار المعارض (أقرب) أي أنسب تزويقا وأروج تنميقا ومع ذلك فلم يجدوا إليه طريقا (واللّفظ) أي بعد وضعه في المبنى الفصيح (إذا تبع المعنى الصّحيح كان أصعب) أي ترتيبا وأتعب تهذيبا وهذا أيضا وجه عجزهم عن المعارضة لأن القرآن جمع بين غرائب المعاني وعجائب البيان (ولذلك) وفي نسخة ولهذا أي ولكون المبنى إذا اتبع المعنى أصعب في المدعي (قيل فلان يكتب كما يقال له) فيفتق أكمام ما قيل له من أخبار مبانيه عن أزهار
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 552