اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 45
لأمته دون غيرهم من المخلوقين ويستفاد من نسبة الرحمة الإلهية أنها ليست من الأمور العارضية (فكانت حياته رحمة، ومماته رحمة) بل وليس هناك موت ولا فوت بل انتقال من حال إلى حال وارتحال من دار إلى دار فإن المعتقد المحقق أنه حي يرزق. (كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم) فيما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده والبزار بإسناد صحيح:
(حياتي خير لكم) وهو ظاهر (وموتى لكم) قال الدلجي بشهادة وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ حيا وميتا انتهى وغرابته لا تخفى فالأظهر أن يقال لأنه قال تعرض على أعمالكم فأشفع في غفران سيئاتكم وأدعو لكم في تحسين حالاتكم والمعنى أني متوجه إليكم وراحم عليكم وشفيع لكم حيا وميتا بالنسبة إلى حاضركم وغائبكم أو التقدير وموتي قبلكم خير لكم فيوافق ما أراده المصنف بقوله. (وكما قال عليه الصّلاة والسّلام) أي على ما رواه مسلم (إذا أراد الله تعالى رحمة بأمه) قال الحافظ المروزي المعروف رحمة أمة وكذا رواه مسلم كذا ذكره الحجازي قلت وفي الجامع الكبير أيضا بلفظ أن الله تعالى إذا أراد رحمة أمة من عباده: (قبض نبيّها قبلها) أي قبل موت جميعها (فجعله لها فرطا وسلفا) أي بين يديها كما في الصحيح وهما بفتحتين أي متقدما وسابقا فإنهما ما أصيبت بمصيبة أعظم من موت نبيها وأصل الفرط هو الذي يتقدم الواردين ليهيئ لهم ما يحتاجون إليه عند نزولهم في منازلهم ثم استعمل للشفيع فيمن خلفه ثم تتمة الحديث على ما في صحيح مسلم عن أبي موسى مرفوعا وإذا اراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر فاقر عينيه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره. (وقال السّمرقنديّ) أي أبو الليث إمام الهدى الحنفي كما ذكره الدلجي (رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: 107] ) بالنصب على الحكاية. (يعني) أي يريد سبحانه وتعالى بالعالمين (للجنّ والإنس) أي المؤمنين بقرينة تقابله بقوله. (وقيل لجميع الخلق) أي المكلفين لقوله: (للمؤمن رحمة) بالنصب ويجوز رفعها أي رحمة خاصة (بالهداية) وكان الأولى أن يقول رحمة للمؤمن بالهداية ليطابق الآية وليوافق قوله، (ورحمة للمنافق بالأمان من القتل، ورحمة للكافرين بتأخير العذاب) أي إلى العقبى ولا يبعد أن يكون تقديم المؤمن إشارة إلى حصر الرحمة المختصة بالهداية كما قال الله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ أي بالدلالة الموصلة التي هي خلق الهداية في خواص الإنسان من أهل الإيمان مع أنه هدى للناس باعتبار عموم الهداية بالدلالة المطلقة التي هي بمعنى البيان. (قال ابن عبّاس رضي الله عنهما) أي فيما رواه جرير وابن أبي حاتم في تفسيرهما والطبراني والبيهقي في دلائله: (هُوَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ إِذْ عُوفُوا مِمَّا أصاب غيرهم من الأمم المكذّبة) أي من أنواع العقوبة ومآل هذا القول إلى ما قبله ثم الأظهر أن العالمين يشمل الملائكة أيضا ويدل عليه قوله. (وحكي) بصيغة المجهول وقال الحجازي ويروى (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَلْ أصابك من هذه الرّحمة) أي المنقسمة على هذه الأمة من نبي الرحمة (شيء) أي من الرحمة مختص بك فالاشارة إلى موجود في الذهن إذ
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 45