اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 276
في رواية لأنه كان شاكرا للنعمة لا ناظرا للذة ويؤيده قوله (يتغافل عمّا لا يشتهي) أي لا يحبه قولا وفعلا مما لا يترتب عليه إثم أصلا (ولا يؤيس) بضم ياء فسكون همزه وقد تبدل ففتح ياء من الإياس من باب الأفعال الذي هو متعد لأيس اللازم من المجرد والضمير في قوله (منه) راجع إليه صلى الله تعالى عليه وسلم والمعنى لا ييأس أحد من فيض وجوده وأثر كرمه وجوده وأما تجويز الدلجي كونه مبنيا للفاعل تبعا لبعض المحشيين وقوله والمعنى لا يؤيس من نفسه أو مما تغافل عنه أحدا بتغافله عنه بحيث لا يكون كذلك فهو مخالف لما في الأصول من صحة المبنى ومناف لما قدمناه من ظهور المعنى وجعل التلمساني قوله ولا يؤيس منه عطفا على لا يشتهى وقال أي ما لم يحضر في وقته ولم يحصله له فيه شهوة فيتركه ويغفله وإن كان مما يمكن حضوره في وقته ويوئس هو بضم أوله وسكون الواو ثم همزة مكسورة واليأس هو القنوط أي ما وجد مما يجوز له تناوله من المباح يستعمله وما لم يجده من ذلك لم يكن منه تكلف له قال ويفسر هذا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنه كَانَ فِي أَهْلِهِ لَا يَسْأَلُهُمْ طَعَامًا وَلَا يشتهيه فإن أَطْعَمُوهُ أَكَلَ وَمَا أَطْعَمُوهُ قَبِلَ وَمَا سَقَوْهُ شرب الحديث انتهى وما فيه لا يخفى وقال الانطاكي بعد نقله عن الحلبي أنه ضبطه بكسر الهمزة وينبغي أن يجوز بضم أوله ثم بهمزة مفتوحة وياء مكسورة مشددة يقال آيس منه فلان مثل أيئس وكذا التأييس حكاه الجوهري انتهى وينبغي أن تكون الدراية تابعة للرواية كما لا يخفى، (وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) أي سهلت أخلاقك لهم وكثر احتمالك عنهم والتقدير فبرحمة وما مزيدة للتأكيد كذا قالوا ولعلهم أرادوا تأكيد التعظيم المستفاد من تنوين التنكير المفيد للتفخيم ولا يبعد أن يكون ما إبهامية ورحمة تفسيرية والجمع بينهما أوقع للمراتب النفسية في إفادة القضية (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا) أي سيئ الخلق (غَلِيظَ الْقَلْبِ) أي قاسيه على الخلق (لَانْفَضُّوا) أي تفرقوا (مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159] ) ولم ينتفعوا بقولك ولم يصيبوا من رحمتك وفضلك وطولك وأما بقية الآية وهي قوله تعالى فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فليست في نسخ الشفاء وإن كان شرحها الدلجي ومزجها بتفسيرها (وَقَالَ تَعَالَى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فُصِّلَتْ: 33] الآية) وهي تحتمل قوله تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ واقتصر الدلجي عليها وقد قيل في معنى هذه الآية ادفع بكلمة التوحيد سيئة الشرك ويؤيده ما بعده من قوله سبحانه وتعالى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ وقيل ادفع بالطاعة المعصية أي إذا أعلمت سيئة فاتبعها حسنة تمحها كما ورد في الحديث مضمونة أو ادفع بالتوبة المعصية ويحتمل قوله تعالى وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي اصفح عنها وقابلها بالحسنة التي هي أحسن مطلقا وإن كانت المعاقبة بمثلها حسنة أيضا أو بأحسن ما يمكن أن يقابل به من الحسنات ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في أمر الديانات وتمام الآية فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 276