اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 228
عليه وسلم قدمت عليه أقبية فأذهب بنا إليه فذهبنا فوجدناه في منزله فقال لي ادعه لي فاعظمت ذلك فقال لي يا بني أنه ليس بجبار فدعوته فخرج ومعه قباء من ديباج مزرور بالذهب فقال يا مخرمة خبأت لك هذا وجعل يريه محاسنه ثم أعطاه له ولمسلم فنظر إليه فقال رضي مخرمة زاد البخاري وكان في خلق مخرمة شدة محبة هذا وكان يفعل ذلك إيثارا لغيره وتنزها عما يتباهى العوام به؛ (إذ المباهاة) أي المنافسة والمفاخرة (في الملابس) أي الثمينة (والتّزيّن بها) أي في المنازل المكينة (ليست من خصال الشّرف والجلالة) أي شمائل أرباب الشرافة وأصحاب العظمة المعنوية (وهي) أي تلك الملابس (من سمات النّساء) بكسر السين أي من خصال النسوة وعلاماتهن المتزينة بالحلي الصورية، (والمحمود) أي الممدوح (منها) أي من الملابس المطلقه (نقاوة الثّوب) بفتح النون النظافة وفي نسخة بضمها وهي خياره لكنه غير ملائم للمرام في هذا المقام (والتّوسّط في جنسه) لورود الذم عن لبس الشهرتين (وكونه لبس مثله) أي لباس بعض أمثاله حال كونه (غير مسقط لمروءة جنسه) أي أبناء جنسه وفي نسخة حسبه بفتحتين فموحدة (ممّا لا يؤدّي) أي يؤول (إلى الشّهرة في الطّرفين) أي المكتنفين من الأعلى والأدنى للتوسط إفراطا وتفريطا وخير الأمور أوساطها وقد قال الثوري كانوا يكرهون الشهرتين الثياب الجيدة والثياب الرديئة إذ الأبصار تمتد إليهما جميعا وقد ورد النهي عن الشهرتين أيضا (وقد ذمّ الشّرع ذلك) أي ما ذكر من الشهرتين أيضا أو المباهاة في الملابس؛ (وغاية الفخر فيه) أي في ذلك المذموم (في العادة عند النّاس إنّما يعود) أي ترجع غايته (إلى الفخر بكثرة الموجود ووفور الحال) أي وسعة الجاه وكثرة المال وقد سبق أن هذا مذموم في المآل (وكذلك التّباهي) أي ومثل الفخر حكم الافتخار (بجودة المسكن) أي بتجصيصها وتزيينها وتبييضها (وسعة المنزل) بفتح السين أي من جهة طولها وعرضها زيادة على مقدار الحاجة (وتكثير آلاته) أي أمتعته وظروفه ومفارشه (وخدمه) أي من عبيده وجواريه (ومركوباته) أي زيادة على مقدار حاجاته (ومن ملك الأرض وجبى إليه) بصيغة المجهول أي أتي إليه (ما فيها) من كل زوج كريم وصنف جسيم (فترك ذلك) أي مع القدرة عليه (زهدا وتنزّها) أي رفعة للنفس وبعدا لها عما يشينها فإن الزهد هو عزوب النفس عن الدنيا مع القدرة عليها رغبة في العقبى وهذا في الحقيقة لا يتصور ممن لا مال له ولا جاه على وجه الكمال ولهذا لما قيل لابن المبارك يا زاهد قال الزاهد عمر بن عبد العزيز إذ جاءته الدنيا راغمة فتركها أما أنا ففيم زهدت والزهد أعلى المقامات وأعلى الحالات وقد ورد في الدنيا يحبك الله إذ جعله سببا لمحبة الله له (فهو حائز) أي جامع ومشتمل (لفضيلة الماليّة) التي هي اسباب التلذذ بالأعراض الدنيوية والأغراض الشهوية (ومالك للفخر) أي للافتخار في العادة بين العامة (بهذه الخصلة) أي الكثرة المالية والوسعة الجاهية (إن كانت فضيلة) بسبب ما مر من كونه وسيلتها وإلا فليست هي فضيلة في ذاتها فإن شرطية تقديرية وقال التلمساني هي بفتح الهمزة وهي تفسيرية ولا يخفى بعد ما قاله (زائد عليها في الفخر ومعرق)
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 228