اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 150
ضروريا وكسبيا كما سيأتي بيانهما ويظهر شأنهما. (فأمّا الضّروريّ المحض) أي الخالص الذي لا يكون مكتسبا (فما ليس للمرء) بفتح فسكون فهمز والحسن لا يهمز ويخفف وابن إسحاق يضم الميم والهمز والعقيلي بكسر الميم والهمز ومؤنثه المرآة كذا ذكره التلمساني والأظهر أنه الشخص بالمعنى الأعم والله أعلم (فيه اختيار) أي في حصوله (ولا اكتساب) أي في وصوله أي بل فيه اضطرار واضطراب في تحصيله (مِثْلُ مَا كَانَ فِي جِبِلَّتِهِ مِنْ كَمَالِ خلقته وجمال صورته) فيه من البديع صنعة جناس لاحق بين كمال وجلال (وقوّة عقله) أي تعقله قال التلمساني مذهب أهل اللغة أن العقل هو العلم وقيل بعض العلوم الضرورية وقيل قوة تميز بها بين حقائق المعلومات ومحله عند أهل السنة القلب بدليل قوله تعالى فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها وقال المعتزلة محله الدماغ ووافقهم أبو حنيفة والفضل بن زياد (وصحّة فهمه) أي إدراكه (وفصاحة لسانه) أي طلاقته وطراوة بيانه مع رعاية مطابقته ووضوح دلالته (وقوّة حواسّه) أي من سمعه وبصره وشمه وذوقه ولمسه (وأعضائه) جمع عضو بضم العين وكسرها أي جوارحه وقد قيل ليس في الإنسان جارحة أحب إلى الله عز وجل من اللسان ولذلك أنطقه الله بتوحيده فإذا فحش ولم يحل اللسان فبأي شيء يذكر ويناجي ويدعو ويتلو، (واعتدال حركاته) أي وسكناته بسلامتهما من آفتهما فهو من باب الاكتفاء (وشرف نسبه) إذ في الغالب أن من تحلى به ربأ بنفسه من سفاسف الأمور إلى أعاليها ومن ذمائم الصفات إلى معاليها (وعزّة قومه) أي وغلبة قبيلته إذ المؤمن كثير بأخيه كما قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (وكرم أرضه) أي طيب مكانه الذي نشأ فيه بأن يكون بلد المسلمين ومنزل الصالحين وأبعد التلمساني في تخصيص أرضه بأرض مكة إذ ليس الكلام في خصوصه عليه الصلاة والسلام (ويلحق به) أي يتصل بالضروري المحض وفي نسخة بصيغة المجهول واقتصر عليه الحلبي أي ويوصل به (ما تدعوه) أي كل شيء من الأمور العادية تدعو المرء (ضرورة حياته) أي شدة احتياجه فيها (إليه من غذائه) بكسر الغين وبالذال المعجمتين على ما في الأصول المصححة وعلى ما ذكره أهل الحواشي المعبرة ما يتغذى به من الطعام والشراب وما به نماء الجسم وقوامه وأما الغذاء بفتح أوله وبدال مهملة فهو طعام الغدوة من الطلوع إلى الزوال ضد العشاء بالفتح وهو غير ملائم لمقام المرام فتجويز الدلجي الوجهين وتقديم الثاني على الأول وتفسيره بقوله هو الطعام بعينه ليس في محله وكذا تقييد المحشي للأول بالقصر والثاني بالمد (ونومه) أي في ليلة ونهاره (وملبسه) بفتح الموحدة (ومسكنه) بفتح الكاف وكسرها (ومنكحه) بفتح الكاف مصادرا وأسماء لما يلبس ويسكن وينكح (وماله) أي جميع ما ينتفع به من الأمور الحسية (وجاهه) أي قدره ومنزلته واعتباره من الأحوال المعنوية قيل هو والوجه بمعنى قلب منه لأنه إن توجه بوجهه قبل منه، (وقد تلحق) ضبط معروفا ومجهولا (هذه الخصال الآخرة) أي الأخيرة المتعلقة بالأمور العادية الواقعة في
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 150