اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 421
كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس نفث في روعي، لن تموت نفسي حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" ... الحديث رواه ابن أبي الدنيا.........
الوحي بعلم ضروري أنه وحي لا مجرد إلهام، كما خلق في جبريل أن المخاطب له الحق تعالى وأنه أمره بتبليغ من أراد، على نحو ما مر.
"كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس نفث" بفاء مثلثة "في روعي" أي: ألقى الوحي في خلدي وبالي أو في نفسي أو قلبي أو عقلي من غير أن أسمعه ولا أراه، ومفعول نفث قوله: "لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها" الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها، فلا وجه للوله والكد والتعب والحرص فإنه سبحانه قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص، بحسب علمه القديم الأزلي، {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ} [الزخرف: 32] فلا يعارض هذا ما ورد الصبحة تمنع الرزق، والكذب ينقص الرزق، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وغير ذلك مما في معناه، أو أن الذي يمنعه وينقصه هو الحلال أو البركة فيه لا أصل الرزق، وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني وأبي نعيم: "إن نفسا لن تمون حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها".
وفي حديث جابر عند ابن ماجه: "أيها النس، اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم". وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الرزق ليطلب أحدكم كما يطلبه أجله". رواه البيهقي وغيره وقال عليه السلام: "والذي بعثني بالحق إن الرزق ليطلب أحدكم كما يطلبه أجله". رواه العسكري. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغ آخر الرزق، فأجملوا في الطلب". رواه البيهقي وغيره.
"فاتقوا الله" أي: ثقوا بضمانه لكنه أمرنا تعبدًا بطلبه من حله، فقال: "وأجملوا في الطلب" بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بلا كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات، أو غير منكبين عليه مشتغلين عن الخالق الرازق به، أو بأن تعينوا وقتًا ولا قدرًا؛ لأنه تحكم على الله أو ما فيه رضا الله لا حظوظ الدنيا، أو لا تستعجلوا الإجابة وقد أبدى العلامة العارف ابن عطاء الله في التنوير في معناه وجوهًا عديدة هذه منها، وفي أن طلب نحو المغفرة يمنع تعيينه نظر، استظهر شيخنا المنع لجواز أنه تعالى يريد مغفرته على سبب لم يوجد وعلم أنه سيوجد، فطلب تعيينها تحكم. "الحديث"، بقيته: "ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته".
"رواه" بتمامه "ابن أبي الدنيا" عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس الأموي
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 421