responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 355
وقد أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب، أقحط الوادي وأجدب العيال، فهلم فاستسق، فخرج أبو طالب، ومعه غلام كأنه شمس دجن، تجلت عنه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب، فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ الغلام بأصبعه.........................

ويصبح محمد صلى الله عليه وسلم صقيلا دهينًا كحيلا، وكان أبو طالب يحبه حبًا شديدًا لا يحب أولاده كذلك، ولذا لا ينام إلا إلى جنبه ويخرج به متى خرج.
وذكر ابن قتيبة في غريب الحديث: أنه كان يوضع له الطعام ولصبية أبي طالب فيتطاولون إليه ويتقاصر هو وتمتد أيديهم وتنقبض يده تكرمًا منه واستحياء ونزاهة نفس وقناعة قلب، ويصبحون عمصًا رمصًا مصفرة ألوانهم ويصبح هو صلى الله عليه وسلم صقيلا دهينًا كأنه في أنعم عيش وأعز كفاية لطفًا من الله به.
"وقد أخرج ابن عساكر عن جلهمة" بضم الجيم وتفتح؛ كما في القاموس "ابن عرفطة" بضم العين والفاء، "قال: قدمت مكة وهم في قحط" بسكون الحاء، وحكى الفراء فتحها، أي: وأهل مكة في زمن شدة لاحتباس المطر عنهم، "فقالت قريش" بعد أن تشاوروا، فلفظ الحديث عند ابن عساكر: قدمت مكة وقريش في قحط، فقائل منهم يقول: أعمدوا اللات والعزى، وقائل منهم: أعمدوا منات الثالثة الأخرى، فقال شيخ وسيم حسن الوجه جيد الرأي: أنى تؤفكون، وفيكم باقية إبراهيم وسلالة إسماعيل؟ قالوا: كأنك عنيت أبا طالب، قال: أيها، فقاموا بأجمعهم فقمت فدققنا عليه الباب فخرج إلينا فثاروا إليه، فقالوا: "يا أبا طالب، أقحط" بالبناء للفاعل والمفعول "الوادي" أصابه القحط، "وأجدب العيال، فهلم" اسم فعل يستعمل متعديًا؛ كقوله تعالى: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ} [الأنعام: 150] ، ولازمًا كما هنا "فاستسق، فخرج أبو طالب ومعه غلام" هو النبي صلى الله عليه وسلم، "كأنه شمس دجن" بضم الدال المهملة والجيم وشد النون على مفاد قول القاموس: كعتل الظلمة والغيم المطبق الريان المظلم لا مطر فيه، ثم يحتمل تنوين دجن على الوصف؛ أي: كأنه شمس كسيت ظلمة والإضافة، أي: شمس ذات يوم ظلمة أو ذات يوم دجن، أي: مظلم، "تجلت عنه سحابة قتماء" بفتح القاف وسكون الفوقية والمد تأنيث أقتم، أي: سحابة يعلوها سواد غير شديد وهذا من بديع التشبيه، فإن شمس يوم الغيم حين ينجلي سحابها الرقيق تكون مضيئة مشرقة مقبولة للناس ليست محرقة، "وحوله أغيلمة" تصغير أغلمة جمع غلام، ويجمع أيضًا على غلمة وغلمان؛ كما في القاموس وصغر إشارة إلى صغرهم؛ لأنه الغلام قد يطلق على البالغ؛ كما مر "فأخذه" أي: الغلام، "أبو طالب فألصق ظهره" أي: ظهر الغلام "بالكعبة ولاذ" التجأ "الغلام بأصبعه" أي: أصبع نفسه السبابة على الظاهر؛ لأن الذي يشار
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست