responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 335
قال القاضي عياض: بكاؤه عليه السلام على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به.

أنها كانت موحدة في حياتها ومتحنفة؟ وهذا الحديث في أنه استغفر لها فلم يؤذن له، وقوله في الحديث الآخر، أي: "مع أمكما"، يؤذنان بخلاف ذلك وهبك أجبت عنهما فيما يتعلق بحديث الإحياء بأنهما متقدمان في التاريخ وذاك متأخر وكان ناسخًا، فما تقول في هذا فإن الموت على التوحيد ينفي التعذيب البتة.
وأجاب: بأن حديث عدم الإذن في الاستغفار لا يلزم منه الكفر بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان ممنوعًا في أول الإسلام من الصلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء، ومن الاستغفار له وهو من المسلمين، وعلل بأن استغفاره مجاب على الفور، فمن استغفر له وصل عقب دعائه إلى منزله في الجنة، والمديون محبوس عن مقامه حتى يقضي دينه؛ كما في الحديث، فقد تكون أمه مع كونها متحنفة كانت محبوسة في البرزخ عن الجنة لأمور أخرى غير الكفر اقتضت أن لا يؤذن له في الاستغفار إلى أن أذن الله له في بعد ذلك، قال: وأما حديث "أمي مع أمكما" على ضعف إسناده فلا يلزم منه كونها في النار؛ لجواز أنه أراد بالمعية كونها معها في دار البرزخ أو غير ذلك وعبر بذلك تورية وليها ما تطييبا لقلوبهما، قال: وأحسن منه أنه صدر ذلك منه قبل أن يوحى إليه أنها من أهل الجنة؛ كما قال في تبع: "لا أدري تبعًا ألعينًا كان أم لا"؟. أخرجه الحاكم وابن شاهين عن أبي هريرة، وقال بعد أن أوحي إليه في شأنه: "لا تسبوا تبعًا، فإنه كان قد أسلم"، أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ عن سهل وابن عباس، فكأنه أولا لم يوح إليه في شأنها ولم يبلغه القول الذي قالته عند موتها، ولا تذكره، فأطلق القول بأنها مع أمها جريًا على قاعدة أهل الجاهلية، ثم أوحي إليه أمرها بعد ويؤيد ذلك أن في آخر الحديث نفسه: "ما سألتهما ربي"، قال: ويمكن الجواب عن الحديثين: بأنها كانت موحدة غير أنها لم يبلغها شأن البعث والنشور، وذلك أصل كبير فأحياها الله له حتى آمنت بالبعث وبجميع ما في شريعته، ولذا تأخر إحياؤها إلى حجة الوداع حتى تمت الشريعة: ونزل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] ، فأحييت حتى آمنت بجميع ما أنزل عليه، قال: وهذا معنى نفيس بليغ.
"قال القاضي عياض: بكاؤه عليه السلام" ليس لتعذيبها إنما هو أسف "على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به" وقد رحم الله تعالى بكاءه فأحياها له حتى آمنت به، وما ألطف هذه العبارة من القاضي، فإنها صريحة في أن البكاء إنما هو لكونها لم تحز شرف الدخول في هذه الأمة، لا لكونها على غير الحنيفية.
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 335
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست