اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 27
فهذه لطيفة من لطائف نفحات العواطف الرحمانية، ومنحة من منح مواهب العطايا الربانية، تنبئ عن نبذة من كمال شرف نبينا محمد -عليه أفضل الصلوات وأنمى التسليم وأسنى الصلات............................
زمان كثيرًا كجاء زيد بعد عمرو، ومكان قليلا كدار زيد بعد دار عمرو، وهي هنا كما قيل صالحة للزمان باعتبار اللفظ، وللمكان باعتبار الرقم.
"فهذه" الفاء على توهم الناظر وجود، أما في الكلام البليغ لأن الشيء إذا كثر الإتيان به ترك وتوهم وجوده؛ كقوله:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئًا إذا كان جائيًا
وقد كثر مصاحبة أما لبعد فإذا تركت توهم وجودها، أو على تقديرها في نظم الكلام، والواو عوض عنها او دون تعويض. أو لإجراء الظرف مجرى الشرط. قيل -وهو الوجه الوجيه- فلا يشكل بأن الفاء إنما تدخل في جواب الشرط. وذكر الدماميني أن بعد معمول لمحذوف تقديره وأقول بعد هذا الكلام، ومقول القول محذوف، أي: تنبه لكذا، فالفاء سببية، وهي هنا فصيحة والإشارة إلى موجود ذهنًا إن كانت قبل التأليف.
هذا، وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم، كان يقول أما بعد في خطبه وشبهها، كما روى ذلك أربعون صحابيًا كما أفاده الرهاوي في أربعينه المتباينة الأسانيد, وما أدري ما وجه اقتصار كثيرين على الظرف كالمصنف ولا يكفي الاعتذار بأن المدار عليه أو روما للاختصار؛ لأن المطلوب اتباع ما جاءت به السنة، لاسيما والإطناب مطلوب في الخطب، وكون المدار عليه يحتاج لوحي يسفر عنه؛ وفي أن أول من نطق بأما بعد، داود؛ وكانت له فصل الخطاب؛ أو كعب أو يعرب أو ق أو سحبان أو يعقوب أو أيوب أقوال: وفي غرائب مالك للدارقطني أن يعقوب أول من قالها.
قال الحافظ: فإن ثبت وقلنا: إن قحطان من ذرية إسماعيل فيعقوب أول من قالها مطلقًا، وإن قلنا: إن قحطان قبل إبراهيم فيعرب أول من قالها، انتهى.
"لطيفة" من اللطافة ضد الكثافة، "من لطائف نفحات" عطايا "العواطف الرحمانية" المنسوبة إلى الرحمن تبارك وتعالى، "ومنحة" عطية "من منح مواهب" من إضافة الأعم إلى الأخص "العطايا" بمعنى الإعطاءات، فكأنه قيل منحة: هي بعض المنح التي هي مواهب حاصلة بإعطاء الله "الربانية" المنسوبة إلى الرب المربي لعباده بنعم لا تحصى، "تنبئ": تخبر "عن نبذة" بضم النون وقد تفتح، يقال: ذهب ماله وبقي منه نبذة، أي قليل، لأن القليل ينبذ, أي: يطرح ولا يبالي به لقلته، أي: عن خواص قليلة "من كمال شرف نبينا محمد عليه أفضل الصلوات وأنمى التسليم وأسنى" أرفع "الصلات" بكسر الصاد، جمع صلة بمعنى الإحسان من
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 27