اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 25
وفردوس الكرامة، وبوأه أسنى مراقي التكريم في دار المقامة، ومنحه أعلى مواهب الشرف في اليوم المشهود، فهو الشاهد المشهود، المحمود بالمحامد التي يلهمها للحامد المحمود، والمنزلة العلية، والدرجة السنية، في حظائر القدس الأقدسية، والمشاهد الأنفسية، واصل الله عليه فضائل الصلوات.................
وملائكته على من يدخلها، أو لسلامتهم من الآفات، "وفردوس الكرامة" التكريم والتبجيل له -صلى الله عليه وسلم، "وبوأه أسنى" أنزله أشرف "مراقي التكريم في دار المقامة" بالضم الإقامة، وقد تكون بمعنى القيام لأنك إذا جعلته من قام يقوم فمفتوح، أو من أقام يقيم، فمضمون وقوله تعالى: {لَا مُقَامَ لَكُمُ} [الأحزاب: 13] ، أي: لا موضع لكم وقرئ: {لَا مُقَامَ لَكُمُ} [الأحزاب: 13] ، بالضم، أي: لا إقامة لكم.
قال الجوهري: "ومنحه" أعطاه "أعلى مواهب الشرف في اليوم المشهود" يوم القيامة بحضرة جميع الخلائق "فهو الشاهد"؛ كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: 45، الفتح: 8] ، أي: على أمته بتبليغه إليهم، وعلى الأمم بأن أنبياءهم بلغتهم "المشهود" المنظور إليه من جميع الرسل، "المحمود" الذي يحمد "بالمحامد التي يلهمها" بالبناء للفاعل في ذلك اليوم، ولم يلهمها قبل "للحامد" الذي هو النبي -صلى الله عليه وسلم, "المحمود" أي: الله سبحانه وتعالى، فاعل يلهمها, "و" بوأه ومنحه "المزلة" المرتبة "العلية" كقيامه عن يمين العرش، وفي نسخ ذو المنزلة "والدرجة السنية" واحدة الدرجات وهي الوسيلة، التي هي أعلى درجة في الجنة؛ "في حظائر القدس الأقدسية" الجنة "والمشاهد الأنفسية" ولما ذكر أن المصطفى وصل إلى أعلى مراتب الكمال في الدارين، وكمال غيره، إما بهدايته والاقتباس من نور شريعته، ناسب أن يعظمه ويدعو له، أداء لبعض حقه وتوسلا إلى الله تعالى في قبول حمده وإتمام قصده.
فقال: "واصل الله عليه فضائل الصلوات" قال السهيلي: أصل الصلاة انحناء وانعطاف من الصلوين وهما عرقان في الظهر، ثم قالوا: صلى عليه، أي: انحنى له رحمة له، ثم سموا الرحمة حنوا وصلاة إذا أرادوا المبالغة فيها، فقوله -صلى الله عليه وسلم- أرق وأبلغ من رحمة في الحنو والعطف، فالصلاة أصلها من المحسوسات، ثم عبر بها عن هذا المعنى للمبالغة، ومنه قيل: صليت على الميت، أي: دعوت له دعاء من يحنو عليه ويعطف. ولهذا لا تكون الصلاة بمعنى الدعاء على الإطلاق، انتهى. والصلاة من الله رحمة، ومن العبد دعاء، ومن الملائكة استغفار. كما جاء عن الحبر ترجمان القرءان واعتراضه بقوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] ، رد بأنه أخص من مطلق الرحمة، وعطف العام على الخاص مفيد، وخص المعصوم بلفظها تعظيمًا له وتمييزًا.
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 25