responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 278
لأتخذنَّه حَنَانًا[1]، حَتَّى مَرَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَوْمًا، وَهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ بِهِ، وَكَانَتْ دَارُ أَبِي بَكْرٍ فِي بَنِي جُمَح، فَقَالَ لِأُمَيَّةِ بْنِ خَلَفٍ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذَا الْمِسْكِينِ؟ حَتَّى مَتَى؟! قَالَ: أَنْتَ الَّذِي أفسدتَه فأنقذْه مِمَّا تَرَى؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفْعَلُ، عِنْدِي غُلَامٌ أَسْوَدُ أَجْلَدُ مِنْهُ وَأَقْوَى، عَلَى دِينِكَ، أعْطِيكه بِهِ؛ قَالَ: قَدْ قبلتُ فَقَالَ: هُوَ لَكَ. فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- غلامَه ذَلِكَ، وَأَخَذَهُ فَأَعْتَقَهُ.
مَنْ أعتقهم أبو بكر: ثُمَّ أَعْتَقَ مَعَهُ عَلَى الِإسلام قَبْلَ أَنْ يهاجرَ إلَى الْمَدِينَةِ سِتَّ رقابٍ، بلالٌ سَابِعُهُمْ: عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا، وقُتل يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ شَهِيدًا؟ وَأُمُّ عُبَيْس وزِنِّيرة، وَأُصِيبَ بصرُها حِينَ أَعْتَقَهَا، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا أَذْهَبَ بصرَها إلَّا اللاتُ والعزَّى؛ فَقَالَتْ: كذَبوا وبيتِ اللَّهِ مَا تضرُّ اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَا تنفعان، فرد اللهُ بصرَها.
وأعتق الهَدِيةَ وبنتَها، وَكَانَتَا لِامْرَأَةِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَمَرَّ بِهِمَا وَقَدْ بَعَثَتْهُمَا سَيِّدَتُهُمَا بِطَحِينٍ لَهَا، وهى تقول: والله لا أعتقهما أَبَدًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِلِّ[2] يَا أُمَّ فُلَانٍ؛ فَقَالَتْ: حِلَّ، أَنْتَ أَفْسَدْتَهُمَا فَأَعْتِقْهُمَا؛ قَالَ: فَبِكَمْ هُمَا؟ قَالَتْ بِكَذَا وكذا؛ قال: وقد أَخَذْتُهُمَا وَهُمَا حُرَّتَانِ، أَرْجِعَا إلَيْهَا طَحِينَهَا، قَالَتَا: أو نفرُغ مِنْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ نَرُدُّهُ إلَيْهَا؛ قَالَ: وَذَلِكَ إنْ شِئْتُمَا.
وَمَرَّ بِجَارِيَةِ بَنِي مُؤمَّل، حَيٍّ من بني كَعْبٍ، وَكَانَتْ مُسلمة، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعَذِّبُهَا لِتَتْرُكَ الِإسلام، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ وَهُوَ يضربُها، حَتَّى إذَا ملَّ قَالَ: إنِّي أَعْتَذِرُ إليكِ، إني لم أتركْك إلَّا مَلَالَةً؛ فَتَقُولُ: كَذَلِكَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ. فابتاعها أبو بكر، فأعتقها.
أبو قحافة يلوم أبا بكر: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي محمدُ بْنُ عَبْدِ المطلب بْنِ أَبِي عَتِيق، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، قَالَ:
قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا بُنَي، إنِّي أَرَاكَ تُعْتِق رِقَابًا ضِعافًا فَلَوْ أَنَّكَ إذا مَا فعلتَ أعتقتَ رِجَالًا جُلْدًا يَمْنَعُونَكَ وَيَقُومُونَ دونَك؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَا أبتِ، إني

[1] حنانا: أي إذا مات أجل قبره متبركًا به.
[2] أي تحللي من يمينك.
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست