responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 264
ابن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مَخْزُومٍ -وَهُوَ ابْنُ عَمَّتِهِ، فَهُوَ لِعَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، عَرَضَ عَلَيْكَ قومُك مَا عَرَضُوا فَلَمْ تقبلْه مِنْهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ لِأَنْفُسِهِمْ أُمُورًا لِيَعْرِفُوا بِهَا مَنْزِلَتَكَ مِنْ اللَّهِ كَمَا تَقُولُ، وَيُصَدِّقُوكَ وَيَتَّبِعُوكَ فَلَمْ تفعلْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ أَنْ تَأْخُذَ لِنَفْسِكَ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ فَضْلَكَ عَلَيْهِمْ، وَمَنْزِلَتَكَ مِنْ اللَّهِ، فَلَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ أَنْ تعجلَ لَهُمْ بعضَ مَا تخوِّفهم بِهِ مِنْ الْعَذَابِ، فَلَمْ تَفْعَلْ -أَوْ كَمَا قَالَ لَهُ- فَوَاَللَّهِ لَا أُومِنُ بِكَ أَبَدًا حَتَّى تَتَّخِذَ إلَى السَّمَاءِ سُلَّما، ثُمَّ ترقَى فِيهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَيْكَ حَتَّى تأتيهَا، ثُمَّ تَأْتِي مَعَكَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَشْهَدُونَ لَكَ أَنَّكَ كَمَا تَقُولُ، وَاَيْمُ اللَّهِ، لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أُصَدِّقُكَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْصَرَفَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَى أَهْلِهِ حَزِينًا آسِفًا لِمَا فَاتَهُ مِمَّا كَانَ يَطْمَعُ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ حِينَ دَعَوْهُ، وَلِمَا رَأَى مِنْ مُبَاعَدَتِهِمْ إياه.
أبو جهل يتوعد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَمَّا قَامَ عَنْهُمْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ أَبَى إلَّا مَا تَرَوْنَ مِنْ عَيْب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامِنا، وشتم آلهتنا، وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ لَأَجْلِسَنَّ لَهُ غَدًا بِحَجَرٍ مَا أُطِيقُ حملَه -أَوْ كَمَا قَالَ- فَإِذَا سَجَدَ فِي صَلَاتِهِ فضَخْتُ بِهِ رأسَه، فأسْلِموني عِنْدَ ذَلِكَ أَوْ امْنَعُونِي، فَلْيَصْنَعْ بَعْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مَا بَدَا لَهُمْ. قَالُوا: وَاَللَّهِ لَا نُسْلِمُكَ لِشَيْءِ أَبَدًا، فامضِ لِمَا تريد.
فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو جَهْلٍ، أخَذَ حَجَرًا كَمَا وَصَفَ، ثُمَّ جَلَسَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْتَظِرُهُ، وَغَدَا رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا كَانَ يَغْدُو. وَكَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة وقبلته إلى الشام، فكان إذا صَلَّى بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَجَعَلَ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ، فَقَامَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلِّي وَقَدْ غَدَتْ قريشٌ فَجَلَسُوا فِي أَنْدِيَتِهِمْ يَنْتَظِرُونَ مَا أَبُو جَهْلٍ فَاعِلٌ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَمَلَ أَبُو جَهْلٍ الحجرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى إذَا دَنَا مِنْهُ رَجَعَ مُنْهَزِمًا مُنْتَقِعًا لونُه مَرْعُوبًا قَدْ يَبِست يَدَاهُ عَلَى حَجَرِهِ، حَتَّى قَذَفَ الحجرَ مِنْ يَدِهِ، وَقَامَتْ إلَيْهِ رِجَالُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: قُمْتُ إلَيْهِ لِأَفْعَلَ بِهِ مَا قلتُ لَكُمْ البارحةَ، فَلَمَّا دنوتُ مِنْهُ عَرض لِي دونَه فحلٌ مِنْ الِإبل، لَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هامتِه، وَلَا مِثْلَ قَصَرَته[1] وَلَا أَنْيَابِهِ لفحلٍ قطُّ، فَهَمَّ بِي أَنْ يَأْكُلَنِي.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فذُكر لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ذَلِكَ جبريلُ عَلَيْهِ السلام لو دنا لأخذه.

[1] قصرته: أصل عنقه.
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست