responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 240
رجوع الوفد إلى أبي طالب مرةً ثانيةً: ثُمَّ إنَّهُمْ مَشَوْا إلَى أَبِي طَالِبٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا طَالِبٍ، إنَّ لَكَ سِنًّا وَشَرَفًا وَمَنْزِلَةً فِينَا، وَإِنَّا قَدْ اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهه عَنَّا، وَإِنَّا وَاَللَّهِ لَا نصبرُ عَلَى هَذَا مِنْ شَتْم آبَائِنَا، وَتَسْفِيهِ أَحْلَامِنَا، وَعَيْبِ آلِهَتِنَا، حَتَّى تَكُفَّهُ عَنَّا، أَوْ نُنَازِلَهُ وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يهَلَك أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ -أَوْ كَمَا قَالُوا لَهُ- ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ فِرَاقُ قَوْمِهِ وَعَدَاوَتُهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا بِإِسْلَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهم ولا خِذلانه.
ما دار بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي طالب:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بن المغيرة بن الأخْنَس أنه حُدِّث: أن قُرَيْشًا حِينَ قَالُوا لِأَبِي طَالِبٍ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فقال له: يابن أَخِي، إنَّ قومَك قَدْ جَاءُونِي، فَقَالُوا لِي كذا وكذا، الذي كَانُوا قَالُوا لَهُ، فَأَبْقِ عليَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلَا تُحمّلْني مِنْ الْأَمْرِ مَا لَا أُطِيقُ؛ قَالَ: فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ فِيهِ بَدَاءً[1] أَنَّهُ خَاذِلُهُ ومُسْلِمُه، وَأَنَّهُ قَدْ ضَعُف عَنْ نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَمُّ، وَاَللَّهِ لَوْ وَضَعُوا الشمسَ فِي يَمِينِي، والقمرَ فِي يَسَارِي[2] عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظهره اللَّهُ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَعْبَرَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَكَى ثُمَّ قَامَ؛ فَلَمَّا وَلَّى ناداه أبو طالب، فقال: أقبلْ يابن أَخِي؛ قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- فقال: اذهبْ يابن أَخِي، فقلْ مَا أحببتَ، فَوَاَللَّهِ لَا أسْلمك لشيء أبدًا.
قريش تعرض عمارة بن الوليد على أبي طالب: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا حِينَ عَرَفُوا أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَدْ أَبَى خذلانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِسْلَامَهُ، وَإِجْمَاعَهُ لِفِرَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ وَعَدَاوَتِهِمْ، مَشَوْا إلَيْهِ بعُمارة بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالُوا لَهُ -فِيمَا بَلَغَنِي- يَا أَبَا طَالِبٍ، هَذَا عُمارةُ بْنُ الْوَلِيدِ، أنْهدُ[3] فَتًى فِي قُرَيْشٍ وأجملُه، فخذه فلك عَقْلُه ونَصْرُه. واتخذْه ولدًا

[1] أي ظهر له رأي، فسمي الرأي بداء؛ لأنه شيء يبدو بعد ما خفي، والمصدر البدء والبدو، والاسم البداء، لا يقال في المصدر، بدا له بدو، كما لا يقال له ظهر ظهور بالرفع؛ لأن الذي يظهر، ويبدو ههنا هو الاسم، نحو البداء وأنشد أبو علي القالي:
لعلك والموعود حق وفاؤه ... بدا لك في تلك القلوص بداء
[2] خص الشمس باليمن؛ لأنها الآية المبصرة، وخص القمر بالشمال؛ لأنها الآية الممحوَّة.
[3] أنهد: أشد.
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست