responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 23
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكِ القُرظي، قَالَ: سَمِعْتُ إبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ: أَنَّ تُبعًا لَمَّا دَنَا مِنْ الْيَمَنِ لِيَدْخُلَهَا حَالَتْ حِمْيَر بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا تَدْخُلُهَا عَلَيْنَا، وَقَدْ فَارَقْتَ دِينَنَا، فَدَعَاهُمْ إلَى دِينِهِ وَقَالَ: "إنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِكُمْ"، فَقَالُوا: فَحَاكِمْنَا إلَى النَّارِ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَانَتْ بِالْيَمَنِ -فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْيَمَنِ- نَارٌ تَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، تَأْكُلُ الظَّالِمَ وَلَا تَضُرُّ الْمَظْلُومَ، فَخَرَجَ قَوْمُهُ بِأَوْثَانِهِمْ وَمَا يتقرَّبون بِهِ فِي دِينِهِمْ، وَخَرَجَ الحَبْران بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقِهِمَا مُتَقَلِّدَيْهَا، حَتَّى قَعَدُوا لِلنَّارِ عِنْدَ مَخْرَجِهَا الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ فَخَرَجَتْ النَّارُ إلَيْهِمْ فَلَمَّا أَقْبَلَتْ نَحْوَهُمْ حَادُوا عَنْهَا وَهَابُوهَا، فذَمَرهم[1] مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ النَّاسِ، وَأَمَرُوهُمْ بِالصَّبْرِ لَهَا فَصَبَرُوا حَتَّى غَشِيَتْهُمْ، فَأَكَلَتْ الْأَوْثَانَ وَمَا قَرَّبُوا مَعَهَا، وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ رِجَالِ حِمْيَرَ، وَخَرَجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقِهِمَا تَعْرَقُ جِبَاهُهُمَا لَمْ تَضُرَّهُمَا، فأصفقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ حِمْيَرُ عَلَى دِينِهِ، فَمِنْ هُنَالِكَ، وَعَنْ ذَلِكَ، كَانَ أَصْلُ الْيَهُودِيَّةِ بِالْيَمَنِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي محدِّث أَنَّ الحَبْرين، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ حِمْيَرَ، إنَّمَا اتَّبَعُوا النَّارَ لِيَرُدُّوهَا، وَقَالُوا: مَنْ رَدَّهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَقِّ، فَدَنَا مِنْهَا رِجَالٌ مِنْ حِمْير بِأَوْثَانِهِمْ لِيَرُدُّوهَا، فَدَنَتْ مِنْهُمْ لِتَأْكُلَهُمْ، فَحَادُوا عَنْهَا وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا رَدَّهَا، وَدَنَا مِنْهَا الْحَبْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَجَعَلَا يَتْلُوَانِ التَّوْرَاةَ وَتَنْكُصُ عَنْهُمَا، حَتَّى ردَّاها إلَى مَخْرَجِهَا الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ، فأصفَقَتْ[2] عِنْدَ ذَلِكَ حِمْيَرُ عَلَى دِينِهِمَا. واللهّ أعلم أي ذلك كان.
هدم البيت المسمى رئام[3]: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رِئَامٌ بَيْتًا لَهُمْ يُعَظِّمُونَهُ، وَيَنْحَرُونَ عِنْدَهُ، ويُكَلَّمون مِنْهُ، إذْ كَانُوا عَلَى شِرْكِهِمْ، فَقَالَ الْحَبْرَانِ لتُبع: إنَّمَا هُوَ شيطان يفتنهم بذلك فخلِّ بيننا وبينه، فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ -فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْيَمَنِ- كَلْبًا أَسْوَدَ فَذَبَحَاهُ ثُمَّ هَدَمَا ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَبَقَايَاهُ الْيَوْمَ -كَمَا ذُكِرَ لِي- بِهَا آثَارُ الدِّمَاءِ التي كانت تهراق عليه.

[1] ذمرهم: شجعهم وحصنهم ليجدوا.
[2] أصفقت: اجتمعت.
[3] رئام: فعال من رئمت الأنثى ولدها ترأمه رئما ورئامًا إذا عطفت عليه ورحمته، فاشتقوا لهذا البيت اسما لموضع الرحمة التي كانوا يلتمسون في عبادته.
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست