responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت السقا المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 0  صفحة : 9
ولعلّ الَّذين تناولوا السّير بالتلخيص والاختصار، حِين استبعدوا بعض هَذِه الْأَخْبَار، استبعدوها غير مُؤمنين بِصِحَّتِهَا، لَا تَخْفِيفًا من ثقل الْكتاب.
هَذَا مَا حرمه هَذَا الْعلم فِي جَمِيع أدواره السالفة إِلَى مَا قبل أيامنا هَذِه بِقَلِيل، إِذْ رَأينَا الْإِيمَان بِأَن فِي السِّيرَة أَخْبَارًا لَا تتصل بالحقّ فِي قَلِيل وَلَا كثير، تصحبه الجرأة ثمَّ الْإِقْدَام، ورأينا فكرة جَدِيدَة تجرى بهَا أَقْلَام مجدّدة، يتَنَاوَل أَصْحَابهَا الْخَبَر أَو الْخَبَرَيْنِ من السِّيرَة، مِمَّا كَانَ يتَّخذ مطعنا علينا فِي شخص النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو مَا يتَّصل بِهِ، فخلصوه مِمَّا لصق بِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْهُ، وَأَقَامُوا حوله سياجا من الْحجَج والبراهين، صحّ بهَا وَأصْبح حجَّة على الطاعنين فِيهِ، وَمثل هَذَا مَا فعله الْأُسْتَاذ الإِمَام الشَّيْخ مُحَمَّد عَبده فِي قصَّة النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وتزويجه زَيْنَب بنت جحش من زيد بن حَارِثَة، ثمَّ مَا كَانَ من تزوّج الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاهَا بعد تطليق زيد لَهَا مِمَّا أرجف فِيهِ الطاعنون ولغوا لَغوا كثيرا.
وَمِنْهُم من عرض للْكتاب فِي قصَّة أَو قصتين مِنْهُ، فصاغها فِي أسلوب جَدِيد، ومثّل للنَّاس الْخَبَر فِي قالب قصصى، خرج بِهِ عَن أسانيده وَذكر رُوَاته، تِلْكَ الطَّرِيقَة الَّتِي هِيَ سرّ تقديس هَذِه الْأَخْبَار فِي هَذِه الْكتب، فبدت الْمعَانِي فِي هَذَا القالب الْجَدِيد كَمَا يَبْدُو الْجَسَد فِي الغلالة الرقيقة لَا تكَاد تخفى مِنْهُ شَيْئا، وَهَذَا الأسلوب الْجَدِيد بِمَا يتَضَمَّن من التهكم بالفكرة السقيمة وَالْخَبَر الغثّ، يخلق بِهِ الْمُؤلف فِي الْقَارئ روح التحفظ فِي قبُول الأفكار وتسلمها.
وَمِنْهُم من جرى مَعَ ابْن إِسْحَاق فِي شوطه، فَتَنَاول السِّيرَة كَمَا تنَاولهَا ابْن إِسْحَاق مبتدئا بميلاد الرَّسُول وَمَا سبقه أَو عاصره من حوادث، ثمَّ جرى يذكر حَيَاة الرَّسُول إِلَى أَن قَبضه الله إِلَى جواره، نَاقِلا من الْأَخْبَار مَا يرى فِيهَا الْقرب من الْحق، ومستبعدا مَا لَا يجرى فِي ذَلِك مَعَ فكرته وَمَا يعْتَقد، مفندا مزاعم الطاعنين، رادّا على المكذّبين.
فجَاء كِتَابه سيرة للرسول، جَدِيدَة فِي أسلوبها، نقية من اللّغو والهراء.
وَنحن إِذْ نخرج للنَّاس سيرة ابْن هِشَام، نخرجها بِمَا فِيهَا من هَذَا وَذَاكَ، لَا نبغى إِلَّا أَن نضع بَين يَدي الْعلمَاء نصا صَحِيحا لأقدم كتاب جَامع بَين سيرته ومغازيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

اسم الکتاب : سيرة ابن هشام - ت السقا المؤلف : عبد الملك بن هشام    الجزء : 0  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست