أما الإجماع: فهو ما علمناه من سيرة الصحابة رضى الله عنهم فى رجوعهم إلى أفعاله صلى الله عليه وسلم وتقربهم وتأسيهم بها، والمحافظة عليها، وإن لم تلح فيها قربة، ولم يكن لهم توقف ولا تردد فى شئ منها.
... فعن سهل بن الربيع بن الحنظلية رضى الله عنه [1] قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الرجل خريم الأسدى [2] لولا طول جمته [3] وإسبال إزاره [4] فبلغ ذلك خريماً، فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه" [5] .
... فتأمل كيف أسرع خريم فامتثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يقل: وماذا فى طول الشعر؟ ولم يقل: ماذا فى طول الإزار؟ لم يقل: سنة عادة أو سنة عبادة شأن الذين قى قلوبهم مرض، إنما عجل سريعاً فقصر شعره، ورفع إزاره [6] . [1] صاحبى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص66 رقم 342، وأسد الغابة 2/571 رقم 2287، والاستيعاب 2/662 رقم 1083، والإصابة 2/86 رقم 3538. [2] صحابى جليل له ترجمة فى: تاريخ الصحابة ص91 رقم 387، والاستيعاب 2/446 رقم 643، وأسد الغابة 2/167 رقم 1440. [3] هى: ما سقط على المنكبين من شعر الرأس. القاموس المحيط 4/90، ومختار الصحاح ص112. [4] هو: الملابس التى تستر النصف الأسفل من البدن. القاموس المحيط 1/360، ومختار الصحاح ص15، وإسبال الإزار: نزوله عن الكعبين، أى: العظمتين البارزتين فوق القدم. [5] جزء من حديث طويل أخرجه أبو داود فى سننه كتاب اللباس، باب ما جاء فى إسبال الإزار 4/57 رقم 4089. [6] ينظر: المدخل إلى السنة النبوية ص247.