وسلم - لحاجة الناس إليه، بعد أن وضع له الضوابط اللازمة لمنع الغرر والنزاع ويسميه بعضهم (السلف) أيضاً وبه جاء الحديث، ومضى عليه عمل الأمة أكثر من خمسة عشر قرناً.
فعن الصحيحين عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يسلفون فى الثمار السنة والسنتين، فقال: "من أسلف فى تمر، فليسلف فى كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" [1] بل قال ابن عباس: أشهد أن السلف المضمون إلى أجله قد أحله الله فى كتابه، وأذن فيه، ثم قرأ: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [2] وكلمة "أشهد" بمثابة القسم، فهذا رأى ترجمان القرآن.
ولكن الدكتور عبد المنعم النمر قال عن السلم: "وهو بيع معدوم موصوف فى الذمة، ويسير عليه كثير من الناس فى الأرياف، مستغلين حاجات الزراع استغلالاً سيئاً، مما يجعلنا نميل إلى تحريمه. من أجل هذا الاستغلال الكريه المحرم فى الإسلام" [3] .
يقول الدكتور القرضاوى: "وكان أولى بالشيخ هنا أن يقتصر على تحريم الظلم والاستغلال، ولا يتعدى ذلك إلى تحريم التعامل الثابت بالسنة والإجماع" [4] . [1] أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب المساقاة، باب السلم 6/46 رقم 1604، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب السلم، باب السلم فى وزن معلوم 4/501 رقم 2240. وينظر: نيل الأوطار 5/226. [2] الآية 282 البقرة والأثر أخرجه الشافعى فى مسنده ص255 رقم 659، والبيهقى فى سننه كتاب البيوع، باب جواز الرهن 6/19، ورجال الشافعى كلهم ثقات إلا أبى حسان الأعرج صدوق كما قال الحافظ فى تقريب التهذيب 2/383 رقم 8079 فالإسناد حسن. [3] السنة والتشريع ص42، 43 وينظر له أيضاً علم أصول الفقه ص28. [4] السنة مصدراً للمعرفة والحضارة ص18، وينظر: السنة والتشريع لفضيلة الدكتور موسى شاهين ص28.