ففى الصحيح عن عروة قال: سألت عائشة رضى الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} قال: فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بالصفا والمروة. قالت: بئسما قلت يا ابن أختى؛ إن هذه الآية لو كانت كما أولتها عليه كانت: لا جناح عليه ألا يتطوف بهما. ولكنها أنزلت فى الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون [1] لمناة الطاغية [2] التى كانوا يعبدونها عند المُشَلَّل [3] فكان من أَهلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة. فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قالوا: يا رسول الله! إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله عز وجل: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} قالت عائشة: "وقد سن [4] رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما؛ فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما" [5] . [1] أى يرفعون أصواتهم بالتلبية عند الحج. ينظر: النهاية فى غريب الحديث 5/234. [2] اسم صنم، كان لهذيل وخزاعة بين مكة والمدينة، ينظر: المصدر السابق 4/313. [3] بضم الميم، وفتح الشين، وتشديد اللام الأولى، وفتحها، موضع بين مكة والمدين7ة. ينظر: المصدر نفسه 4/285. [4] أى فرض صلى الله عليه وسلم بالسنة، وليس مرادها نفى فرضيتها، ويؤيده قولها: "ما أتم الله حج امرئ، ولا عمرته، لم يطوف بين الصفا والمروة" أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الحج، باب ما يفعل بالعمرة، ما يفعل بالحج 3/719 رقم 1790، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الحج، باب بيان أن السعى بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به 5/25 رقم 1277. [5] أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الحج، باب وجوب الصفا والمروة، وجُعِلَ من شعائر الله 3/581 رقم 1643، ومسلم فى الأماكن السابقة نفسها فى الحديث السابق.