أ- أن حديث ابن عباس من رواية الواقدى [1] ، وهو معروف بالضعف، لا يقبل الجهابذة من المحدثين روايته إلا إذا اعتضدت بروايات الثقات.
ب- إذا صح سند الحديث إلى ابن عباس رضى الله عنهما، فهو اجتهاد لا يعلم معتمده، فى أمر لا سبيل إلى معرفته إلا بإخبار من النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت هذا الإخبار، فالحديث موقوف على ابن عباس، فيكون فى منزلة بلاغ الزهرى، كما يؤخذ من كلام ابن حجر [2] يجب رفضه كرفض بلاغ الزهرى، وإبطاله كإبطاله، ولعل هذا الحديث الضعيف فى سنده، الباطل فى متنه ونصه، هو مستند بلاغ الزهرى، والزهرى إمام موثق، فلا حرج على البخارى فى إلحاق بلاغة بجامعه من جهة توثيق السند، على أن البخارى لم يلحقه بجامعه إلا فى موضع واحد فقط من مواضع حديث بدء الوحي، وهى متعددة فيه بالإسناد نفسه مقروناً بإسناد آخر تارة، وغير مقرون تارة أخرى، ولم يرد فى تلك المواضع ذكر لهذا البلاغ الضعيف إلا فى كتاب (التعبير) بلاغاً لا تأصيلاً.
ثالثاً: ثبت فى الصحيح من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث عن فترة الوحي، ولم يرد فى كلامه صلى الله عليه وسلم كلمة واحدة، تشعر بما جاء فى هذا البلاغ الضعيف، حتى ولو مجرد حزن لحق به تأسفاً على هذه الفترة. [1] هو: محمد بن عمر بن واقد الواقدى، قاضى العراق، رغم دقته فى المغازى وإمامته فيها إلا أنهم ضعفوه فى الحديث، قال الذهبى: الواقدى وإن كان لا نزاع فى ضعفه، فهو صادق اللسان، كبير القدر، وقال: ابن حجر: متروك مع سعة علمه، من أشهر مؤلفاته: المغازى، والردة، مات سنة 207هـ له ترجمة فى: لسان الميزان 9/531 رقم 15615، والكاشف 2/205 رقم 5078، والمجروحين لابن حبان 2/290، وتقريب التهذيب 2/117 رقم 6195، وتهذيب الكمال للمزى 26/ 18 رقم 5501. [2] ينظر: فتح البارى 12/376 رقم 6982.