.. انتهى الفتى عن هذه الفاحشة، وأصبح لا يلتفت إليها، فقد أقنعه صلى الله عليه وسلم إقناعاً تاماً، وردد، وكرر، حتى قبح هذا الفعل فى نظر الرجل، فأبغضه وابتعد عنه، وهو صلى الله عليه وسلم بدعائه له زاد الأمر حسناً فلم يقف عند حد الإقناع، وإنما دعا له – وهو مستجاب الدعوة – فاقتناع الرجل، وهداه الله، وهكذا النبوة [1] .
... والشاهد مما سبق أنه صلى الله عليه وسلم لم يغضب، ولم يثر، وإنما كلمه كلاماً سهلاً غاية السهولة، أقنعه كل الإقناع. وهذا من كمال العقل وفطنته.
4- وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن امرأتى ولدت غلاماً أسود، وإنى أنكرته [2] فقال له النبى صلى الله عليه وسلم هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم ما ألوانها؟ قال: حمر. قال صلى الله عليه وسلم: فهل فيها من أورق [3] قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنى هو؟ [4] قال: لعله يا رسول الله يكون نزعه عرق له [5] فقال له النبى صلى الله عليه وسلم وهذا لعله يكون نزعه عرق له [6] . [1] ينظر: المدخل إلى السنة النبوية ص166. [2] أى أنكر أن يكون هذا الغلام ابنه، إذ هو أبيض والابن أسود، كما جاء فى رواية أخرى: "وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه" أى يدعى أنه ليس ابنه، وإنما جاءت به أمه من زنا!!. [3] الجمل الأورق: هو الذى سواد لونه ليس صافياً. ينظر: مختار الصحاح ص717. [4] أى: من أين جاء هذا الأورق الذى يختلف لونه عن لون جمالك. [5] أى: يحتمل أن يكون فى آبائه من الإبل ما هو أسود، فأشبهه هذا. [6] أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب اللعان 5/385 رقم 1500، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام، باب من شبه أصلاً 13/309 رقم 7314.