0
أما المرة الرابعة التى شق فيها صدر النبى صلى الله عليه وسلم فكانت ليلة الإسراء والمعراج وذلك تأهباً لمناجاة ربه عز وجل، والمثول بين يديه، واستعداداً لما يلقى إليه من سائر أنواع الفيوضات الإلهية، وما يراه من عظيم الآيات الربانية [1] .
فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كان أبو ذر رضى الله عنه [2] يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فرج عن سقف بيتى وأنا بمكة، فنزل جبريل عليه السلام، ففرج صدرى، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً. فأفرغها فى صدرى، ثم أطبقه. ثم أخذ بيدى، فعرج بى إلى السماء … الحديث [3] .
والحكمة هنا فى شق صدره الشريف، مع القدرة على أن يمتلئ قلبه إيماناً وحكمة بغير شق؛ الزيادة فى قوة اليقين، لأنه أعطى برؤية شق بطنه، وعدم تأثره بذلك، ما أمن معه من جميع المخاوف العادية المهلكة، فكمل له صلى الله عليه وسلم بذلك ما أريد منه من قوة الإيمان بالله عز وجل وعدم الخوف مما سواه، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس، وأعلاهم حالاً ومقالاً، ولذلك وصف بقوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى} [4] وقوله سبحانه: {ما زاغ البصر ما طغى} [5] . [1] ينظر: شرح الزرقانى على المواهب 8/50، والبداية والنهاية 2/257. [2] صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة 6/96 رقم 5869، وتجريد أسماء الصحابة 2/164، والاستيعاب 4/1652 رقم 2944، وتذكرة الحفاظ للذهبى 1/17 رقم 7. [3] أخرجه مسلم (بشرح فتح البارى) كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم 1/489 رقم 263، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب أحاديث الأنبياء، باب ذكر إدريس عليه السلام 6/431 رقم 3342. [4] الآية 11 النجم. [5] الآية 17 النجم. وينظر: فتح البارى 7/246 رقم 3887، وشرح الزرقانى على المواهب 8/62.