كان أبرزها وفد بجيلة. وكان لهذه القبيلة هيكل خاص بها يدعى «ذا الخلصة» ، وكان يعتبر «كعبة» اليمن. ولقد هدم «الخلصة» أيضا، وهو الصنم الذي عرف الهيكل باسمه.
ووفد وائل [بن حجر الكنديّ] والاشعث [بن قيس] ، وهما زعيمان من زعماء حضرموت، في جماعة كبيرة. كانوا يرتدون أردية حريرية. فسألهم الرسول هل يرغبون في اعتناق الاسلام. فأجابوه قائلين إنهم أقبلوا لهذا الغرض بالذات. عندئذ طلب اليهم الرسول أن يخلعوا ملابسهم الحريرية، ففعلوا، ودخلوا كلهم في الاسلام. والواقع ان الرسول لم يبعث لمجرد تعليم الناس بعض مبادئ الاخلاق. كانت رسالته تستهدف استئصال كل شرّ من الشرور الاخلاقية والاجتماعية.
لقد ألغى جميع ضروب الفساد السائدة منذ عهد بعيد، وأضفى على نسيج المجتمع كله صبغة اسلامية متميّزة. لقد ارتفع، في سنوات قليلة، بأنسانية ساقطة من حضيض الخزي إلى [ذروة السموّ] وطهّرها من جميع عاداتها السيئة، وأشربها طرائق الحياة الاسلامية الصافية البسيطة. والحق انه نفخ فيها حياة جديدة بالكلية.
وعلى هذا النحو بعثت القبيلة اثر القبيلة، والعشيرة اثر العشيرة، بوفودها إلى الرسول الكريم تعلن رغبتها في الانضمام إلى الجماعة الاسلامية.
وكان من دأب هذه الوفود أن تسأل النبيّ، بعد ذلك، ان يوجّه معها معلما يفقّهها في الدين، وجابيا يجمع منها ما فرضته عليها الشريعة من زكاة.
بيد أنه كان لا يزال ثمة جماعة لم تقطع الرجاء من توجيه ضربة إلى الاسلام قاضية. وعقد اثنان منهم، هما عامر [بن الطّفيل] وأربد [بن قيس] ، النية على قتل الرسول غيلة. وكان التدبير يقضي بأن يعمد عامر إلى إلهاء الرسول بالتحدث اليه، فيما يشهر أربد سيفه فيضربه به ضربة مميتة. وهكذا انطلقا لتنفيذ ما بيّتاه، حتى إذا لقيا