responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 215
ينوء بها قومه. فأي جواب كان يجدر بفاتح من أعرق الفاتحين في المدينة ان يكون؟ كان خليقا بذلك الفاتح ان يقول شيئا كهذا: «انا أدرك مصاعبكم، ولكن الأوان الآن قد فات. لقد كان قمينا بكم أن تفكروا في ذلك قبل ان تقدموا على الاغارة علينا لكي تسحقوا قوتنا.
ولو انكم كسبتم انتم المعركة اذن لعاملتمونا على نحو اسوأ.» أليس هذا هو الجواب النموذجي الذي تردّ به توسّلات عدوّ مهزوم في عهود الحضارة هذه؟ ولكن فؤاد الرسول كان مفرغا في قالب أكثر نبلا.
كانت رحمته لا تعرف حدودا. وكان من حق العدو ان يطمع في رأفة الرسول السابغة كما يطمع فيها أيما كائن بشري آخر. فقد كان من دأب فؤاد الرسول أن يتفطر حزنا لأضأل مشهد من مشاهد البؤس البشري. فكيف يطيق صبرا على رؤية الآلاف يجرعون كأس الألم؟
ومن هنا سارع إلى اطلاق سراح الاسرى الذين اتفق ان كانوا من نصيبه ونصيب أسرته. ولكنه قال إنه لا يستطيع ان يتعرض لحقوق الآخرين، وان في ميسور هؤلاء ان يتخلوا عن نصيبهم من الأسرى إذا شاؤا.
يا له من مثل رائع على المساواة في الحقوق البشرية! وليس من ريب في ان اولئك الذين ضحّوا، في ابتهاج، بثروتهم، وبممتلكاتهم، بل حتى بأرواحهم، من أجله لن يحلموا البتة بأن يضنّوا عليه بهذا الفضل: فضل تسريح أسراهم تسريحا شاملا. ولكنه ما كان للرسول الذي جاء ليعزز المساواة بين البشر، أن يعتدي على حق الآخرين في ممارسة حقوقهم بحرية كاملة. إن الملك، أو الأمير، لا حق له- في الاسلام- على ممتلكات الفرد. ولكن قلب الرسول، في الوقت نفسه، يقطر ألما، في حنايا صدره، بسبب من اولئك القوم الذين ألمّ بهم بلاء عظيم. كان شديد التوق إلى مساعدتهم على الخروج من محنتهم.
ولقد سألهم أن يفدوا كرة أخرى، قبيل صلاة العصر، وعندئذ يعرض مطالبهم على الجماعة الاسلامية، ويسألها أن تنظر فيه بعين العطف.

اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست