responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 100
من يدري؟ لعل الاغراء، إذا ما قدّم إلى الرسول الكريم مباشرة، ان يفيد حيث لم يفد الوعيد. وإذ تكشّف ابو طالب وبنو هاشم عن صلابة وعناد، فلم يبق أمامهم غير هذه الطريقة يجرّبونها. وهكذا شكلوا وفدا ابتغاء التفاهم مع الرسول على هذا الاساس، ومشوا إلى النبي [فخاطبه عتبة بن ربيعة، وكان من سادات العرب] بقوله:
[ «يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من المكان في النسب، وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرّقت به جماعتهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا لعلك تقبل بعضها.] إن كنت إنما تريد بهذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا [حتى تكون أكثرنا مالا] . وان كنت تريد تشريفا سوّدناك علينا، فلا نقطع أمرا دونك. وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا، [وان كان هذا الذي يأتيك رئيّا تراه لا تستطيع ردّه عن نفسك طلبنا لك الطبّ وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ.] وان كنت مولعا بالجمال زوّجناك أجمل بنت يقع عليها اختيارك.» مغريات لا سبيل إلى مقاومتها من غير ريب! فما أكبرها نقلة أن ينقلب المرء بين عشية وضحاها من رجل معوز بائس مضطهد إلى عاهل ذي قوة وسلطان. ولكنّ قلب الرسول كان مبرّآ من زيف الوصولية براءة كاملة، فأجاب الوفد القرشيّ بكلام خيّب آماله تخييبا مطلقا، قال:
«أنا لا أريد مالا أو سلطانا. لقد بعثني الله نذيرا إلى العالمين، واني لأحمل اليكم رسالته، فاذا آمنتم بها فزتم بالسعادة في هذه الدار وفي الدار الاخرى، وإذا رفضتم كلمة الله فسوف يحكم الله بيني وبينكم.»
فكان في هذا ما أحبط آخر محاولة من محاولات قريش للوصول إلى تسوية. لقد أخفق الاغراء اخفاق الاضطهاد. وكان الاضطهاد ثقيلا لا يطاق، ولكن الاغراء كان أقوى من أن يقاوم. ولولا روح الثبات التي نفخها الله في صدر النبي الكريم لكان خليقا بصنوف التعذيب التي أنزلت به وصنوف الاغراء التي أغدقت عليه أن تزحزحه عن موقفه.

اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست