اسم الکتاب : حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار المؤلف : بَحرَق اليمني الجزء : 1 صفحة : 355
فما رئي في النّاس يومئذ أشدّ منه.
وروى ابن إسحاق عن العبّاس رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم (حنين) ، فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث، فلم نفارقه.
[عودة المسلمين واحتدام القتال]
فلمّا التقى الجمعان، ولّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته [1] قبل الكفّار، قال عبّاس: وأنا آخذ بلجام بغلته، أكفّها إرادة أن لا تسرع، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا عبّاس، ناد أصحاب السّمرة» - أي: أهل بيعة الرّضوان- وكان العبّاس صيّتا [2] ، فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السّمرة؟، فقالوا:
يا لبّيك، يا لبّيك، فو الله لكأنّ عطفتهم عليّ حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فاقتتلواهم والكفّار، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قتالهم، فقال: «هذا حين حمي الوطيس» [3] .
[رمي النّبيّ صلى الله عليه وسلم المشركين بالحصى]
ثمّ أخذ صلى الله عليه وسلم كفّا من الحصباء فرمى به وجوه الكفّار، وقال:
«شاهت الوجوه» ، فما خلق الله منهم إنسانا إلّا ملئت عينه ترابا من تلك القبضة، فولّوا مدبرين، وهزمهم الله.
[ما نزل من القرآن في يوم حنين]
وأنزل الله في ذلك: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ
وقد انتسب النّبيّ صلى الله عليه وسلم لجدّه لأنّه كان أشهر وأذكر عند العرب، أمّا أبوه فقد مات وهو شابّ. [1] يركض بغلته: يضربها برجله الشّريفة على كبدها لتسرع. [2] صيّتا: شديد الصّوت، عاليه. [3] أخرجه مسلم، برقم (1775) . الوطيس: الضّراب في الحرب، ولم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عبّر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق.
اسم الکتاب : حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار المؤلف : بَحرَق اليمني الجزء : 1 صفحة : 355