وأمّا النّوع الرّابع: وهو كلام الشّجر والحجر، وشهادتهما له بالنّبوّة صلى الله عليه وسلم.
فمن ذلك:
حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فدنا منه أعرابيّ، فقال [له رسول الله] : «يا أعرابيّ، أين تريد» ؟، قال: إلى أهلي، قال صلى الله عليه وسلم: «هل لك إلى خير؟» ، قال: وما هو؟ قال: «تشهد أن لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله» قال: من يشهد لك على ما تقول؟ قال: «هذه السّمرة» وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تخدّ الأرض حتّى قامت بين يديه، فاستشهدها، فشهدت الشّهادتين، ثمّ أمرها فرجعت إلى مكانها [2] .
وفي «الصّحيحين» ، عن جابر رضي الله عنه، قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي حاجته، فلم ير شيئا يستتر به، فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي متباعدتين، فأخذ بغصن من أغصان أحدهما، فانقادت له كالبعير المخشوش- أي: المجعول في أنفه حلقة فيها الخطام- حتّى إذا كانت بالمنصف [3] ، وفعل بالآخرى كذلك، فالتأمتا بإذن الله تعالى، فلمّا قضى حاجته افترقتا، وعادت كلّ واحدة منهما إلى منبتها [4] .
وعن بريدة بن الحصيب- مصغّرين- رضي الله عنه، قال: [1] أخرجه البخاريّ، برقم (6087) . [2] أخرجه الدّارميّ، برقم (16) . تخدّ الأرض: تشقّها. [3] المنصف: نصف المسافة أو نصف الطّريق. [4] أخرجه مسلم برقم (3012) .
اسم الکتاب : حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار المؤلف : بَحرَق اليمني الجزء : 1 صفحة : 147