اسم الکتاب : جوامع السيرة - ط المعارف المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 7
ومات وله ثلاث وستون سنة ولد ليوم الاثنين، لثمان بقين من ربيع الأول، ونبئ يوم الاثنين لأيام خلت من ربيع الأول، وهاجر يوم الاثنين، لأيام خلت لربيع. ومات صلى الله عليعه وسلم يوم الاثنين لثمان خلون لربيع الأول؛ وقد قيل غير ذلك.
ولم يختلف في أنه عليه السلام مات يوم الاثنين، ودفن ليلة الأربعاء، وقيل: يوم الثلاثاء.
وكانت علته اثني عشر يوماً، وقيل: أربعة عشر يوماً، ابتدأ به صداع وتمادى به، وكان ينفث في علته شيئاً يشبه نفث آكل الزبيب.
ومات بعد أن خيره الله عز وجل بين البقاء في الدنيا ولقاء ربه عز وجل، فاختار عليه السلام لقاء ربه تعالى.
أعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)
(1) منها القرآن، الذي دعا العرب وغيرهم مذ بعثه الله عز وجل قرناً إلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة إلى أن يأتوا بمثله إن شكوا في صدقه، فأعجز الله تعالى عن ذلك جميع البلغاء، ومنع الجن عن ذلك وغيرهم، قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على
(1) عقد ابن سعد في الطبقات 1 / 1: 112 فصلاً لعلامات النبوة نزول الوحي على رسول الله؛ وأوردها ابن كثير 6: 74 مفصلة، واستخرج الأحاديث المتعلقة بها. وقد أفاض في ذكرها أبو نعيم في كتابه " دلائل النبوة " وخاصة في الفصلين الثاني والعشرين والتاسع والعشرين، وفيها كتب السيوطي كتاب الخصائص الكبرى. وتقصاها البيهقي في كتاب دلائل النبوة وهو مخطوط. والمواهب اللدنية 1: 453 وانظر أيضاً صحيح البخاري 4: 191 في باب علامات النبوة، وتاريخ الذهبي 1: 74، 240 وما بعدها.
فرقاً يذهب بعدد من الأشهر، بعد إذ اعتبر المحرم رأس السنة الهجرية.
نعم إن الخلافات في الناحية الزمنية كثيرة متشعبة، ورأى ابن حزم يزيدها رأياً جديداً، ولكن الاطمئنان الذي يضيفه ابن حزم على آرائه يجعلنا نركن إليها وتفضلها، فهو وحده الذي يلقانا مطمئناً إلى التأريخ الذي حدثت فيه الموقعة، أو فرضت فيه الزكاة.
وليس هذا الاطمئنان مؤسساً على الغلو في الثقة بالنفس، والاعتداد بالرأي محض اعتداد، ولكنه قائم على الدقة والتمحيص.
وقد رأينا كيف استطاع ابن حزم، من هذا كله، أن يصحح كثيراً من السهو في التاريخ، كنسبة المقاولة في حديث الإفك إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة؛ وهو بتفضيله الحديث الصحيح على كل رواية أخرى من روايات أصحاب المغازي قد اتخذ لنفسه منهجاً واضحاً في معالجة المسائل التاريخية حيث موضوعها وزمنها.
وتمشت مع هذه الدقة الجازمة، والضبط الواثق، صفة أخرى استملاها أبو محمد من قوله بالظاهر. ولا شك أن طبيعة السيرة من حيث هي، ومن حيث بناؤها على الإيجاز لم تتح لأبي محمد أن ينطلق في انتزاع الأحكام من النصوص تأييداً لمذهبه، ولذلك لم تستعلن الظاهرية في تفسيره للأحداث، ولكنها حين تنفست في هذا المجال الضيق، جاءت طريفة تحمل الطابع الحازم الذي اشتهر ابن حزم، حين يطمئن إلى النص في مواجهة خصومه.
ومن ابرز الأمثلة على ذلك ما ذكره في غزوة بني قريظة، حين أمر الرسول أن لا يصلى أحد العصر إلا في بني قريظة، ونهض المسلمون، فوافاهم وقت العصر في الطريق، فقال بعض المسلمين: نصلي ولم نؤمر بتأخيرها عن وقتها؛ وقال آخرون منهم: لا نصليها إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصليها، فذكر أن بعضهم لم يصلوا العصر إلا ليلاً، فبلغ ذلك رسول الله
اسم الکتاب : جوامع السيرة - ط المعارف المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 7