اسم الکتاب : جهود علماء المسلمين في تمييز صحيح السيرة النبوية من ضعيفها المؤلف : عبد الكريم بن زيد عكوي الجزء : 1 صفحة : 31
هذا الخوف في أبي طالب ورده كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى الشام تاجرا لخديجة؟ " [1] ولهذا حكم الذهبي على الخبر بقوله: "أظنه موضوعا وبعضه باطل" [2] فانظر سعة نظر الذهبي رحمه الله، وانتشار فكره خارج الخبر المنظور فيه ليستحضر وقائع بعيدة في الظاهر عن خبر بحيرى، لكن بالتدبر يظهر فائدتها في فحص الخبر. فبادئ النظر لا يجد وجها للصلة بين خبر بحيرى وبين دخول النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة بعد أن جاءه الوحي بحراء. وأيضا ما وجه الصلة بين خبر بحيرى وذهاب النبي إلى الجبال ليرمي نفسه؟ فهذه الوقائع تبدو بعيدة عن هذا الخبر، ولهذا فهي مظنة الغفلة عنها، ولن يستحضرها إلا من فطن لفائدتها وصلتها بالخبر المنظور فيه. ففي هذه الأمثلة يظهر كيف كان علماء الإسلام ينقدون متون الأخبار اعتمادا على الظروف العامة واللوازم والملابسات.
ومن فوائد استحضار الظروف العامة معرفة كون الخبر منسجما مع غيره من الأخبار والوقائع المعروفة المقررة، أو معارضته لذلك، فإن وجد ما يعارضه من الوقائع والأخبار الثابتة فإنه يكون موضعا للتوقف في صحته، أو يرد بالمرة، ولهذا يحرص النقاد – وهم ينظرون في متن الخبر- على استحضار ما قد يكون معارضا للخبر محل البحث والنظر، وهو ما يمكن تسميته باستحضار معارض الخبر.
(1) "السير" للذهبي 1 / 49، وانظر " السيرة النبوية الصحيحة" 1/107-108.
(2) "تلخيص المستدرك" بهامش المستدرك 2/615-616.
اسم الکتاب : جهود علماء المسلمين في تمييز صحيح السيرة النبوية من ضعيفها المؤلف : عبد الكريم بن زيد عكوي الجزء : 1 صفحة : 31