responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 9
سُمِّيَ الْكِتَابُ بِالشَّمَايِلِ بِالْيَاءِ جَمْعُ شِمَالٍ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الطَّبِيعَةِ لَا جَمْعُ شَمْأَلٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْهَمْزِ ; لِأَنَّهُ مُرَادِفٌ لِلْمَكْسُورِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الرِّيحِ الْغَيْرِ الْمُنَاسِبِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّهُمَا الْجُزْءُ الْأَشْرَفُ مِنْهُ فَغَلَبَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ سُمِّيَ الْكُلُّ بِاسْمِهِ سُلُوكًا بِطَرِيقِ التَّرَقِّي وَرِعَايَةً لِتَرْتِيبِ الْوُجُودِ أَوْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يَبْدُو لِلْإِنْسَانِ وَلِأَنَّهُ كَدَلِيلٍ عَلَيْهِ
وَلِذَا قِيلَ: عُنْوَانُ الظَّاهِرِ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ، ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْخَلْقِ الَّذِي وَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ هُنَا هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ صُورَتُهُ وَشَكْلُهُ الَّذِي يُطَابِقُ كَمَالَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ الْخِلْقَةُ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْخِلْقَةَ مَصْدَرٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ مَصْدَرٌ نَوْعِيٌّ بِمَعْنَى الْخَلْقِ الْحَسَنِ وَغَيْرُ نَوْعِيٍّ بِمَعْنَى التَّرْكِيبِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ حَاصِلٍ بِالْمَصْدَرِ كَمَا تَرَى، نَعَمْ قَدْ تُطْلَقُ الْخِلْقَةُ عَلَى الصُّورَةِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ إِلَّا أَنَّهُ خَارِجٌ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْخَلْقِ اسْمُ الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ هَيْئَةُ الْإِنْسَانِ الظَّاهِرَةُ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَهُوَ بَعِيدٌ مُوهِمٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ الْخَلْقُ فِي التَّرْجَمَةِ مُضَافٌ إِلَى مَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى بَابُ مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي بَيَانِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى صُورَةَ رَسُولِهِ الْأَعْظَمِ وَنَبِيِّهِ الْأَكْرَمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَتَمِّ ; وَلِذَا قِيلَ مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ بِهِ اعْتِقَادُ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ فِي بَدَنِ آدَمِيٍّ مِنَ الْمَحَاسِنِ الظَّاهِرَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَحَاسِنِهِ الْبَاطِنَةِ مَا اجْتَمَعَ فِي بَدَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ تَمَامُ حُسْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا لَمَا أَطَاقَتْ أَعْيُنُ الصَّحَابَةِ النَّظَرَ إِلَيْهِ، انْتَهَى. وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) ، وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: أَكْثَرُ النَّاسِ عَرَفُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا عَرَفُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّ حِجَابَ الْبَشَرِيَّةِ غَطَّتْ أَبْصَارَهُمْ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحٍ مِنْ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ بَلِ الْمَقَامُ يَسْتَدْعِي أَكْثَرَ مِنْهُ بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَسِيَرِهِ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى أَنْ بُعِثَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَكِنْ قَوْلُهُ وَإِنْ أَغْفَلَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ وَارِدًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَهُ وَإِنَّمَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بِإِسْنَادِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَقَالَ: (أَخْبَرَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا، وَفِي نُسْخَةٍ أَنَا تَخْفِيفُ كِتَابَةِ أَخْبَرَنَا، قَالَ النَّوَوِيُّ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الرَّمْزِ فِي حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَاسْتَمَرَّ الِاصْطِلَاحُ مِنْ قَدِيمِ الْأَعْصَارِ إِلَى زَمَانِنَا، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى فَيَكْتُبُونَ مِنْ حَدَّثَنَا: ثَنَا بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالنُّونِ وَالْأَلِفِ، وَرُبَّمَا حَذَفُوا الْمُثَلَّثَةَ وَيَقْتَصِرُونَ بِالنُّونِ وَالْأَلِفِ، وَرُبَّمَا يَكْتُبُونَ دَنَا بِالدَّالِ قَبْلَ نَا، انْتَهَى. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ الْعِرَاقِيِّ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ فِي حَدَّثَنَا: دَثَنَا بِزِيَادَةِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْضًا، قَالَ وَيَكْتُبُونَ مِنْ أَخْبَرَنَا: أَنَا، زَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهِ أَرَنَا، وَزَادَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ فِيهِ ابْنَا وَرَنَا، قَالَ مِيرَكُ وَنَقَلَ بَعْضٌ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي وُجُوهِ اخْتِصَارِ أَخْبَرَنَا: بَنَا أَيْضًا بِالْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِ لَا فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَلَا فِي تَصْحِيحِ الْمَصَابِيحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ افْتِرَاءٌ مَحْضٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَشْتَبِهُ بِاخْتِصَارِ حَدَّثَنَا ثَنَا لِاتِّحَادِ صُورَتِهِمَا، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَيْسَ يَحْسُنُ مَا يَفْعَلُهُ طَائِفَةٌ مِنْ كِتَابَةِ أَخْبَرَنَا بِالْأَلِفِ مَعَ عَلَامَةِ بَنَا فَيَكُونُ ابَنَا وَإِنْ كَانَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِمَّنْ فَعَلَهُ. قَالَ مِيرَكُ: وَكَانَ وَجْهُ عَدَمِ الْحُسْنِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَشْتَبِهُ بِاخْتِصَارِ أَنْبَأَنَا فَإِنَّهُمْ يَقْتَصِرُونَهُ بِأَنْبَأَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ وَالْإِنْبَاءِ وَالسَّمَاعِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ كَالزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ وَأَكْثَرِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَعَلَيْهِ اسْتَمَرَّ عَمَلُ الْمَغَارِبَةِ وَرَأَى
بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ صِيَغِ الْأَدَاءِ بِحَسَبَ افْتِرَاقِ التَّحَمُّلِ فَيَخُصُّونَ الْحَدِيثَ وَالسَّمَاعَ بِمَا يَلْفِظُ بِهِ الشَّيْخُ وَسَمِعَ الرَّاوِي عَنْهُ وَالْإِخْبَارَ بِمَا يَقْرَأُ التِّلْمِيذُ عَلَى الشَّيْخِ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الشَّرْقِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَتْبَاعُهُمْ

اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست