responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 74
ذَلِكَ وَأَثْبَتَ صُحْبَتَهُ وَرَوَى عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ قَوْلُهُ: «فَقَالَ: نَعَمْ» ; قَائِلُهُ عَاصِمٌ أَيْضًا، وَفَاعِلُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا هُوَ فَاعِلُ قَوْلِهِ. (ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ) : أَيْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي جَوَابِ سُؤَالِنَا عَنْهُ اسْتَغْفَرَ لَكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ نَعَمِ، اسْتَغْفَرَ لَكُمْ أَيْضًا امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) وَهَذَا مُحَصَّلُ تِلَاوَةِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ مَعَ كَمَالِ شَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ لِأُمَّتِهِ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الْبَتَّةَ، وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ: «وَلَكُمْ» تَغْلِيبُ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ، وَتَغْلِيبُ الْحَاضِرِينَ عَلَى الْغَائِبِينَ. وَأَقُولُ لَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ بِأَنْ يُقَالَ صَدَرَ هَذَا السُّؤَالُ مِنْ حُضَّارِ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ، وَقَالُوا لَهُ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ أَوْ إِخْبَارُ تَلَذُّذٍ، فَقَالَ هُوَ أَوِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمِ، الْأَمْرُ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَلَا هُوَ أَوِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِشْهَادًا وَاعْتِضَادًا، ثُمَّ لَمَّا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَصْحَابَ مَجْلِسِهِ صَدَرَ مِنْهُمْ نَحْوَ هَذَا السُّؤَالِ وَوَقَعَ مِنْهُ هَذَا الْجَوَابُ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، وَارْتَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ مِنَ الْمُنَازَعَاتِ ثُمَّ الْخِطَابُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لِذَنْبِكَ) مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) وَمَعَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ لَا ذَنْبَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ، لَعَلَّهُ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ تَسْلِيَةً لِلْأُمَّةِ وَتَعْلِيمًا لَهُمْ أَوِ اسْتِغْفَارُهُ مِنَ الْخَطَرَاتِ الْقَلْبِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ الْبَشَرِيَّةِ ; تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالذَّنْبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الْفَارِضِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكَ إِرَادَةٌ ... عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا حَكَمْتُ بِرِدَّتِي.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ طَلَبُ الثَّبَاتِ عَلَى الْعِصْمَةِ الَّتِي وُهِبَتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُونَ الْعَاقِبَةِ رِعَايَةً لِقَاعِدَةِ الْخَشْيَةِ فَإِنَّهَا نِهَايَةُ سُلُوكِ الْمُخْلِصِينَ وَغَايَةُ عُبُودِيَّةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَقِيلَ: كَانَ يَسْتَغْفِرُ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمُبَاحَاتِ أَوْ مِنْ رُؤْيَةِ تَقْصِيرٍ فِي الْعِبَادَاتِ ; وَلِذَا قِيلَ: حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ. وَقِيلَ: اسْتِغْفَارُهُ مِنْ ذُنُوبِ أُمَّتِهِ فَهُوَ كَالشَّفَاعَةِ لَهُمْ.

(بَابُ مَا جَاءَ فِي شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ)
أَيْ فِي صِفَةِ شَعْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : اعْلَمْ أَنَّ الشَّعْرَ حَيْثُ جَاءَ بِدُونِ التَّاءِ فَهُوَ بِفْتَحِ الْعَيْنِ وَيُسَكَّنُ وَإِذَا جَاءَ بِالتَّاءِ فَهُوَ بِسُكُونِهَا وَيُفْتَحُ، وَفِي هَذَا الْبَابِ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيثَ.
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ) : بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ جِيمٍ. (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدٍ) : بِالتَّصْغِيرِ أَيِ الطَّوِيلِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ. (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ وَاصِلًا أَوْ مُنْتَهِيًا. (إِلَى نِصْفِ أُذُنَيْهِ) : بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الثَّانِي وَفِي نُسْخَةٍ بِالْإِفْرَادِ، قَالَ مِيرَكُ: أَضَافَ الْوَاحِدَ إِلَى التَّثْنِيَةِ كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ التَّثْنِيَتَيْنِ مَعَ ظُهُورِ الْمُرَادِ أَيْ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أُذُنَيْهِ، وَسَيَأْتِي بِلَفْظِ «أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ» بِإِضَافَةِ الْجَمْعِ إِلَى التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الشَّعْرِ هُوَ الَّذِي جُمِعَ وَعُقِصَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مُعْظَمُ شَعْرِهِ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْ حِينَ لَا يَفْرُقُ شَعْرَهُ، فَلَا يُنَافِي الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى كَوْنِهِ بَالِغًا مَنْكِبَيْهِ أَوْ وَاقِعًا عَلَيْهِمَا.

(حَدَّثَنَا هَنَّادُ) : بِتَشْدِيدِ النُّونِ. (ابْنُ السَّرِيِّ) : بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ. (حَدَّثَنَا) : وَفِي نُسْخَةٍ «أَخْبَرَنَا» . (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ) : بِكَسْرِ الزَّايِ بَعْدَهَا

اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست