responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 184
شَهَادَةُ الزُّورِ، وَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، فَلَا يَرُدُّ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْعُقُوقِ، وَفِي النِّهَايَةِ الزُّورُ بِضَمِّ الزَّايِ: الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ وَالتُّهْمَةُ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: أَصْلُ الزُّورِ تَحْسِينُ الشَّيْءِ، وَوَصْفُهُ بِخِلَافِ صِفَتِهِ، حَتَّى يُخَيَّلَ لِمَنْ سَمِعَهُ بِخِلَافِ مَا هُوَ بِهِ، وَقِيلَ لِلْكَذِبِ: زُورٌ ; لِأَنَّهُ مَائِلٌ عَنْ جِهَتِهِ (أَوْ قَوْلُ الزُّورِ) وَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ، أَوْ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، ذَكَرَهُ الْحَنَفِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لِلتَّنْوِيعِ.
وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ لَا شَكَّ فِيهَا، وَهِيَ «أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْنَا: أَلَا سَكَتَ» ، وَكَذَا وَقَعَ فِي الْعُمْدَةِ بِالْوَاوِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّأْكِيدِ، وَيُجْعَلَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ، فَإِنَّا لَوْ حَمَلْنَا الْقَوْلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ مُطْلَقًا كَبِيرَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ مِيرَكُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ أَعْظَمَ الْكَذِبِ وَمَرَاتِبَهُ مُتَفَاوِتَةٌ، بِحَسَبِ تَفَاوُتِ مَرَاتِبِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ; لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةِ زُورٍ قَوْلُ زُورٍ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ الزُّورِ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: شَهَادَةُ الزُّورِ هِيَ الشَّهَادَةُ بِالْكَذِبِ لِيَتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى الْبَاطِلِ مِنْ
إِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، أَوْ تَحْلِيلِ حَرَامٍ، أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ، فَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْهُ، وَلَا أَكْثَرُ فَسَادًا بَعْدَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، (قَالَ) أَيْ أَبُو بَكْرَةَ (فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ أَوِ الْجُمْلَةَ، وَهِيَ قَوْلُهُ: شَهَادَةُ الزُّورِ، أَوْ قَوْلُ الزُّورِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَالضَّمِيرُ فِي يَقُولُهَا هُنَا لِقَوْلِهِ: أَلَا وَمَا بَعْدَهَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ، فَفِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ (حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ) أَيْ تَمَنِّينَا أَنَّهُ سَكَتَ إِشْفَاقًا عَلَيْهِ، وَكَرَاهِيَةً لِمَا يُزْعِجُهُ كَيْلَا يَتَأَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: خَوْفًا مِنْ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُوجِبُ نُزُولَ الْعَذَابِ، وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَدَبِ مَعَهُ، وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْوَاعِظَ وَالْمُفِيدَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى التَّكْرَارَ وَالْمُبَالَغَةَ، وَإِتْعَابَ النَّفْسِ فِي الْإِفَادَةِ، حَتَّى يَرْحَمَهُ السَّامِعُونَ وَالْمُسْتَفِيدُونَ.

(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بِالتَّصْغِيرِ (بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ) بِضَمِّ جِيمٍ وَفَتْحِ مُهْمَلَةٍ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا) بِالتَّشْدِيدِ وَهِيَ لِتَفْصِيلِ مَا أَجْمَلَ، وَقَدْ تَرِدُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ كَمَا هُنَا (إِنَّا) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: خَصَّصَ نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ كَرَاهَتَهُ لَهُ دُونَ أُمَّتِهِ عَلَى مَا زَعَمَهُ ابْنُ الْقَاصِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَالْأَصَحُّ كَرَاهَتُهُ لَهُمْ أَيْضًا، فَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَمَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَمُ الِاتِّكَاءِ فِي الْأَكْلِ، إِذْ مَقَامُهُ الشَّرِيفُ يَأْبَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَامْتَازَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ انْتَهَى.
وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُرَادَ بِهِ تَعْرِيضُ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْأَعْجَامِ، بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِلْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْخُيَلَاءِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَبِعَنِي قَالَ تَعَالَى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَفِيهِ إِشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إِلَى امْتِنَاعِهِ، إِنَّمَا هُوَ بِالْوَحْيِ الْخَفِيِّ لَا الْجَلِيِّ (فَلَا آكُلُ) بِالْمَدِّ عَلَى أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ (مُتَّكِئًا)

اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست