responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 179
الْإِلَهِيِّ الْمُسْتَفَادِ مِنَ التَّوَاضُعِ النَّبَوِيِّ، يَعْنِي كَانَ مَعَ تَخَشُّعِهِ عَظِيمًا، هَابَتْنِي عَظَمَتُهُ وَحَصَلَ لِيَ الْخَوْفُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ: «مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ» ، قَالَ مِيرَكُ: وَالظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ قِصَّةِ قَيْلَةَ أَنَّهُ أَوَّلُ مُلَاقَاتِهَا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَلِذَا هَابَتْهُ وَوَقَعَ فِي قِصَّتِهَا بَعْدَ قَوْلِهَا أُرْعِدْتُ مِنَ الْفَرَقِ، فَقَالَ لَهُ جَلِيسُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْعِدَتِ الْمِسْكِينَةُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ، وَأَنَا عِنْدَ ظَهْرِهِ، يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةُ، فَلَمَّا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ دَخَلَ قَلْبِي مِنَ الرُّعْبِ، وَرَوَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ قَيْسٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ رَجُلًا فَأُرْعِدَ، فَقَالَ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ» ، وَالتَّخَشُّعُ إِمَّا بِهَذِهِ الْجِلْسَةِ، وَإِمَّا بِأُمُورٍ أُخَرَ شَاهَدْتُهَا فِي الْحَضْرَةِ.

(حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ) ثِقَةٌ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ (وَغَيْرُ وَاحِدٍ) أَيْ كَثِيرٌ مِنَ الْمَشَايِخِ (قَالُوا: أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ) بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ مُوَحَّدَةٍ (بْنِ تَمِيمٍ) أَيِ الْأَنْصَارِيِّ الْمُزَنِيِّ ثِقَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ رِوَايَةً (عَنْ عَمِّهِ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ، رَوَى صِفَةَ الْوُضُوءِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ، وَاسْتُشْهِدَ بِالْحَرَّةِ، وَرَوَى عَنْهُ السِّتَّةُ (أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا) أَيْ مُضْطَجِعًا عَلَى قَفَاهُ (فِي الْمَسْجِدِ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّوْمُ، وَفِي الْقَامُوسِ اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ نَامَ وَهُوَ حَالٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَاضِعًا) مُتَرَادِفَيْنِ
أَوْ مُتَدَاخِلَيْنِ (إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى) أَيْ مَعَ نَصْبِ الْأُخْرَى أَوْ مَدِّهَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يُنَافِيهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَسْتَلْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ ثُمَّ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، لَكِنْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي حَدِيثٍ: الْأَصْلُ بَيَانُ جَوَازِ هَذَا الْفِعْلِ، وَدَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ خَبَرَ النَّهْيِ عَنْهُ، إِمَّا مَنْسُوخٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عِلَّةُ النَّهْيِ أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَةُ الْفَاعِلِ لِذَلِكَ، فَإِنَّ الْإِزَارَ رُبَّمَا ضَاقَ، فَإِذَا شَالَ لَابِسُهُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ فَوْقَ الْأُخْرَى بَقِيَتْ هُنَاكَ فُرْجَةٌ تَظْهَرُ مِنْهَا عَوْرَتُهُ، وَقِيلَ: كَانَ هَذَا قَبْلَ النَّهْيِ، أَوْ لِضَرُورَةٍ مِنْ تَعَبٍ، وَطَلَبِ رَاحَةٍ، أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَقِيلَ: وَضْعُ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ رِجْلَاهُ مَمْدُودَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى، وَلَا بَأْسَ بِهَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْكَشِفُ شَيْءٌ مِنَ الْعَوْرَةِ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ، وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ نَاصِبًا رُكْبَةَ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ، وَيَضَعَ الرِّجْلَ الْأُخْرَى عَلَى الرُّكْبَةِ الْمَنْصُوبَةِ، فَيُحْمَلُ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى النَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَلَى الثَّانِي، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَالتَّأْوِيلُ أَوْلَى مِنَ ادِّعَاءِ النَّسْخِ ; لِأَنَّهُ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ، وَكَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْجَوَازَ مِنْ خَصَائِصِهِ بَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ أَيْضًا ; وَلِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ، وَفِيهِ جَوَازُ الِاتِّكَاءِ وَالِاضْطِجَاعِ، وَالِاسْتِرَاحَةِ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا، يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِحَالَةِ الِاعْتِكَافِ، فَإِنَّ قُعُودَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجَامِعِ عُلِمَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، حَيْثُ كَانَ يَجْلِسُ عَلَى وَقَارٍ وَتَوَاضُعٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْعِصَامُ: وَجْهُ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْجِلْسَةِ خَفِيٌّ، لَمْ يَتَصَدَّ لَهُ شَارِحٌ انْتَهَى. وَتَكَلَّفَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ الْجُلُوسِ عَلَى سَائِرِ كَيْفِيَّاتِهِ بِالْأَوْلَى انْتَهَى. وَيَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِلْبَابِ وَإِلَّا ظَهَرَ كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْجِلْسَةِ هَيْئَةُ الْجُلُوسِ الْمُقَابِلِ لِلْقِيَامِ،

اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست