responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 169
مَالِكٌ حَتَّى عَلَاهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمَعْنَى الْمَعْلُومِ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَبَيْنَ الْكَيْفِ الَّذِي لَا يَعْقِلُهُ الْبَشَرُ، وَهَذَا الْجَوَابُ مِنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ شَافٍ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الصِّفَاتِ، مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالنُّزُولِ وَالْغَضَبِ وَالرَّحْمَةِ وَالضَّحِكِ، فَمَعَانِيهَا كُلُّهَا مَعْلُومَةٌ، وَأَمَّا كَيْفِيَّاتُهَا فَغَيْرُ مَعْقُولَةٍ، إِذْ تَعَقُّلُ الْكَيْفِ فَرْعُ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ الذَّاتِ وَكُنْهِهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَكَيْفَ تُعْقَلُ لَهُمْ كَيْفِيَّةُ الصِّفَاتِ.
وَالْعِصْمَةُ النَّافِعَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، أَنْ يَصِفَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ، وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ، وَلَا تَمْثِيلٍ، بَلْ يُثْبِتُ لَهُ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ، وَيَنْفِي عَنْهُ مُشَابَهَةَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَيَكُونُ إِثْبَاتُكَ مُنَزِّهًا عَنِ التَّشْبِيهِ، وَنَفْيُكَ مُنَزِّهًا عَنِ التَّعْطِيلِ، فَمَنْ نَفَى حَقِيقَةَ الِاسْتِوَاءِ، فَهُوَ مُعَطِّلٌ، وَمَنْ شَبَّهَ بِاسْتِوَاءِ الْمَخْلُوقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ فَهُوَ مُمَثِّلٌ، وَمَنْ قَالَ: هُوَ اسْتِوَاءٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ الْمُوَحِّدُ الْمُنَزِّهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ وَتَبَيَّنَ مَرَامُهُ وَظَهَرَ أَنَّ مُعْتَقَدَهُ مُوَافِقٌ لِأَهْلِ الْحَقِّ مِنَ السَّلَفِ وَجُمْهُورِ الْخَلَفِ، فَالطَّعْنُ الشَّنِيعُ وَالتَّقْبِيحُ الْفَظِيعُ غَيْرُ مُوَجَّهٍ عَلَيْهِ، وَلَا مُتَوَجِّهٍ إِلَيْهِ، فَإِنَّ كَلَامَهُ بِعَيْنِهِ مُطَابِقٌ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، وَالْمُجْتَهِدُ الْأَقْدَمُ، فِي فِقْهِهِ الْأَكْبَرِ مَا نَصُّهُ: وَلَهُ تَعَالَى يَدٌ وَوَجْهٌ وَنَفْسٌ، فَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالنَّفْسِ، فَهُوَ لَهُ صِفَاتٌ بِلَا كَيْفٍ، وَلَا يُقَالُ أَنَّ يَدَهُ قُدْرَتُهُ، أَوْ نِعْمَتُهُ ; لِأَنَّ فِيهِ إِبْطَالَ الصِّفَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْقَدَرِ وَالِاعْتِزَالِ، وَلَكِنَّ يَدَهُ صِفَتُهُ بِلَا كَيْفٍ. وَغَضَبُهُ وَرِضَاهُ صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِهِ بِلَا كَيْفٍ، انْتَهَى.
فَإِذَا انْتَفَى عَنْهُ التَّجْسِيمُ فَالْمَعْنَى الْبَدِيعُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ
الْكَرِيمِ لَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ، وَتَوْجِيهٌ بَاهِرٌ، سَوَاءٌ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ، أَوْ تَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِ بِالتَّجَلِّي الصُّورِيِّ الْمَعْرُوفِ، عِنْدَ أَرْبَابِ الْحَالِ وَالْمَقَامِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُذَكِّرًا بِهَيْئَتِهِ وَمُفَكِّرَا بِرُؤْيَتِهِ الْحَاصِلَةِ مِنْ كَمَالِ تَجْلِيَتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِ أَنْبِيَائِهِ، وَأَصْفِيَائِهِ الَّذِينَ رَبَّاهُمْ بِحُسْنِ تَرْبِيَتِهِ، وَجَلَى مِرْآةَ قُلُوبِهِمْ بِحُسْنِ تَجْلِيَتِهِ، حَتَّى شَهِدُوا مَقَامَ الْحُضُورِ وَالْبَقَاءِ، وَتَخَلَّصُوا عَنْ صَدَأِ الْحُظُورِ وَالْفَنَاءِ، رَزَقَنَا اللَّهُ أَشْوَاقَهُمْ، وَأَذَاقَنَا أَحْوَالَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ، وَأَمَاتَنَا عَلَى مَحَبَّتِهِمْ، وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِمْ.

(حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ) أَيِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا (وَهُوَ) أَيْ أَبُو سُلَيْمَانَ هُوَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، مِنَ الْغَسْلِ لُقِّبَ بِهِ حَنْظَلَةُ الْأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ. قَالَ مِيرَكُ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْغَسِيلِ، وَالْغَسِيلُ جَدُّ أَبِيهِ حَنْظَلَةَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ حِينَ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ جُنُبًا حِينَ سَمِعَ نَفِيرَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ، فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ (عَنْ عِكْرِمَةَ) أَيْ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ) قَالَ مِيرَكُ: هَذِهِ الْخُطْبَةُ وَقَعَتْ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَفِيهَا الْوَصِيَّةُ بِشَأْنِ الْأَنْصَارِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنِ ابْنِ الْغَسِيلِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا وَيَنْفَعُهُ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَهُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَصْعَدْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَأْسِهِ (عِصَابَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: عِمَامَةٌ بَدَلَ عِصَابَةٍ، عَكْسُ مَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الْعِصَابَةَ تَأْتِي بِمَعْنَى الْعِمَامَةِ، كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ (دَسْمَاءُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى، وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ، أَيْ: سَوْدَاءُ، كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَمِنْهُ

اسم الکتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست