اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 95
أحدا لا يقدر أن يحفر هناك ماء وعهدهما بما هناك قريب وليس به ماء فرجعا الى أهلهما من ليلتهما فأخبراهم فتحوّلوا حتى نزلوا معها على الماء فأنست بهم ومعهم الذرّية فنشأ اسماعيل مع ولد انهم وكان ابراهيم يزور هاجر فى كل شهر على براق يغدو غدوة فيأتى مكة ثم يرجع فيقيل فى منزله بالشام فزارها بعد ونظر الى من هناك من العماليق والى كثرتهم وغمارة الماء فسرّ بذلك ولما بلغ اسماعيل أن يسعى مع ابراهيم فى أشغاله ويعينه فى حوائجه وأعماله وذلك حين كان ابن ثلاث عشرة سنة وقيل ابن سبع سنين وقيل أربع سنين رأى ابراهيم فى المنام أنه يذبحه*
ذكر الاختلاف فى الذبيح
واختلف علماء الاسلام فى هذا الغلام الذى أمر ابراهيم بذبحه بعد اتفاق أهل الكتابين على أنه اسحاق فقال قوم انه اسحاق واليه ذهب من الصحابة عمر وعلىّ وابن مسعود ومن التابعين وأتباعهم كعب وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والزهرى والسدّى وهو رواية عن ابن عباس وقالوا كانت هذه القصة بالشام* روى عن سعيد بن جبير أنه قال أرى ابراهيم ذبح اسحاق فى المنام فسار به مسيرة شهر فى غدوة واحدة حتى أتى به الى المنحر بمنى فلما أمر بذبح الكبش ذبحه وساربه مسيرة شهر فى روحة واحدة وطويت له الاودية والجبال وقال آخرون هو اسماعيل واليه ذهب عبد الله بن عمر وهو قول سعيد بن المسيب والشعبى والحسن البصرى ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظى والكلبى وهو رواية عن عطاء بن أبى رباح ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال المفسدّى اسماعيل وكلا القولين يروى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم* حجة من قال الذبيح اسحاق قوله تعالى فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعى أمر بذبح من بشربه وليس فى القرآن أنه بشر بولد سوى اسحاق كما قال فى سورة هود فبشرناها باسحاق وما روى فى الحديث يوسف بن يعقوب اسرائيل الله ابن اسحاق ذبيح الله وما روى أن يعقوب لما بلغه أن بنيامين أخذ بمصر بعلة السرقة كتب الى العزيز الريان وهو يومئذ يوسف* بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب اسرائيل الله ابن اسحاق ذبيح الله وسيجىء تمامه* وحجة من قال ان الذبيح هو اسماعيل أن الله ذكر البشارة باسحاق بعد الفراغ من قصة المذبوح فقال وبشرناه باسحاق نبيا من الصالحين فدل على أن المذبوح غيره وأيضا قال الله تعالى فى سورة هود فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب وكما بشر ابراهيم باسحاق بشر بابنه يعقوب فكيف يأمره بذبح اسحاق وقد وعد له نافلة منه* وفى أنوار التنزيل ولان البشارة باسحاق كانت مقرونة بولادة يعقوب منه فلا يناسبها الامر بذبحه مراهقا ولان قرنى الكبش كانا منوطين بالكعبة فى أيدى بنى اسماعيل الى أن احترق البيت واحترق القرنان فى أيام ابن الزبير والحجاج ولم يكن اسحاق ثمة* قال الشعبى رأيت قرنى الكبش منوطين بالكعبة* وعن ابن عباس قال والذى نفسى بيده لقد كان أوّل الاسلام وان رأس الكبش لمعلق بقرنيه من ميزاب الكعبة وقد وخش يعنى يبس وصار رديئا* قال الاصمعى سألت عمرو بن العلاء عن الذبيح اسحاق أو اسماعيل فقال يا أصيمع أين ذهب عقلك متى كان اسحاق بمكة وانما كان اسماعيل بمكة وهو الذى بنى البيت مع أبيه ولان النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال أنا ابن الذبيحين يعنى جدّه اسماعيل وأباه عبد الله حيث عرضه عبد المطلب على الذبح* قال ابن القيم ومما يدل على أن الذبيح اسماعيل أنه لا ريب أن الذبح كان بمكة ولذا جعل القرابين يوم النحر بها كما جعل السعى بين الصفا والمروة ورمى الجمرات بها تذكرة بشأن اسماعيل وأمّه واقامة لذكر الله تعالى ومعلوم أن اسماعيل وأمّه هما اللذان بمكة دون اسحاق وأمّه ولو كان الذبح بالشام كما يزعم أهل الكتاب ومن تلقى عنهم لكانت القرابين والنحر بالشام لا بمكة وروى ما ذكره المعافى بن زكريا أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا أسلم من علماء اليهود أىّ ابنى ابراهيم
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 95