اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 491
الخدرى قال قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شىء فنقوله قد بلغت القلوب الحناجر قال نعم اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا فضرب الله وجوه أعدائة بالريح فهزمهم* وفى معالم التنزيل قال عكرمة قالت الجنوب للشمال ليلة الاحزاب انطلقى ننصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت الشمال ان الحرّ لا يسرى بالليل وكانت الريح التى أرسلت عليهم الصبا* وعن ابن عباس عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور فبعث الله عليهم فى تلك الليلة الشاتية ريحا باردة فأحصرتهم وسفت التراب فى وجوههم وأرسل عليهم جنودا لم يروها وهم الملائكة وكانوا ألفا ولم تقاتل يومئذ ولكن قلعت الاوتاد وقطعت أطناب الفساطيط وأطفأت النيران وأكفأت القدور وجالت الخيل بعضها فى بعض وكثر تكبير الملائكة فى جوانب عسكرهم وقذف الله فى قلوبهم الرعب فانهزموا من غير قتال* وفى ينبوع الحياة لابن ظفر قيل انه صلّى الله عليه وسلم دعا فقال يا صريخ المكروبين يا مجيب المضطرين اكشف همى وغمى وكربى فانك ترى ما نزل بى وبأصحابى فأتاه جبريل وبشره بأن الله سبحانه يرسل عليهم ريحا وجنودا فأعلم أصحابه ورفع يده به قائلا شكرا شكرا وهبت ريح الصبا ليلا فقلعت الاوتاد وألقت عليهم الابنية وكفأت القدور وسفت عليهم التراب ورمتهم بالحصباء وسمعوا فى أرجاء عسكرهم التكبير وقعقعة السلاح فارتحلوا هرابا فى ليلتهم وتركوا ما استنقلوه من متاعهم قال فذلك قوله تعالى فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها كذا فى المواهب اللدنية* وروى عن حذيفة أنه قال لقد رأيتنى ليلة الاحزاب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال من يقوم فيذهب الى هؤلاء القوم فيأتينا بخبرهم أدخله الله الجنة فما قام منا رجل ثم صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت الينا فقال مثله فسكت القوم وما قام رجل ثم صلّى هو يا من الليل ثم التفت الينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم على أن يكون رفيقى فى الجنة فما قام رجل من شدّة الخوف وشدّة البرد وشدّة الجوع فلما لم يقم أحد دعانى فقال يا حذيفة فلم يكن لى بدّ من القيام حين دعانى فقلت لبيك يا رسول الله فقمت حتى أتيته وان جنبتى لتضطربان فمسح رأسى ووجهى ثم قال ائت هؤلاء القوم حتى تأتينى بخبرهم ولا تحدثن شيئا حتى ترجع الىّ* وفى رواية لا تذعرهم علىّ* وفى رواية قال يا حذيفة اذهب فادخل فى القوم فانظر ما يفعلون ولا تذعرهم علىّ ثم قال اللهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته فأخذت سهمى وشددت علىّ أسلابى ثم انطلقت أمشى نحوهم كأنى أمشى فى حمام فذهبت فدخلت فى القوم وقد أرسل الله عليهم ريحا وجنود الله تفعل بهم الريح ما تفعل فلا تقرّ لهم قدرا ولا نارا ولا بناء فرأيت أبا سفيان قاعدا يصطلى أو قال يصلى ظهره بالنار فأخذت سهما فوضعته فى كبد قوسى فأردت أن أرميه ولو رميته لا صبته فذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا تحدثن شيئا حتى ترجع الىّ ولا تذعرهم علىّ فرددت سهمى فى كنانتى فقام أبو سفيان فقال يا معشر قريش لينظر كل امرئ من جليسه قال حذيفة فأحذت بيد الرجل الذى الى جنبى فقلت من أنت قال أنا فلان بن فلان* وذكر ابن عقبة انه فعل ذلك بمن على جانبيه يمينا ويسارا قال وبدرتهم بالمسئلة خشية أن يفطنوا* فلما رأى أبو سفيان ما تفعل الريح وجنود الله بهم قام وقال يا معشر قريش انكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذى نكرهه ولقينا من هذه الريح ما ترون فارتحلوا فانى مرتحل ثم قام الى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فما أطلقه الا وهو قائم ولولا عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم الىّ أن لا تحدث شيئا حتى تأتينى ثم شئت لقتلته بسهم ولما سمعت فزارة وغطفان بما فعلت قريش انصرفت الى بلادها* وفى الوفاء فحملت قريش
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 491