اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 448
فقال يا رسول الله انّ أبى كان قد خلفنى على أخوات لى سبع وقال يا بنى انه لا ينبغى لى ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهنّ ولست بالذى أو ثرك بالجهاد مع رسول الله على نفسى فتخلف على اخوتك فتخلفت عليهنّ فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخرج معه ولم يخرج ممن لم يشهد قتال أحد غيره فلما سمعوا النداء تسارعوا الى الخروج ولم يشتغلوا بالتداوى فخرجوا مع الجراحات المتعدّدة واستعمل النبىّ صلّى الله عليه وسلم على المدينة ابن أمّ مكتوم فيما قاله ابن هشام وخرج وهو مجروح مشجوج مكسور الرباعية مكلوم الشفة متوهن المنكب الايمن من ضرب ابن قميئة وفى المنتقى وشفته العليا قد كلمت من باطنها وخرج لابسا سلاحه ووقف على الطريق راكبا حتى لحق به أصحابه فأنزل فيهم الذين استجابو الله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ودفع لواءه وهو معقود لم يحلّ بعد الى على بن أبى طالب وقيل الى أبى بكر الصدّيق ونزل اليه أهل العوالى وقدّم ثلاثة نفر من أسلم طليعة فلحق اثنان منهم القوم بحمراء الاسد وللقوم زجل وهم يأتمرون بالرجوع وصفوان بن أمية ينهاهم كما مرّ فبصروا بالرجلين فرجعوا اليهما فقتلوهما ومضى رسول الله وأصحابه حتى نزلوا بحمراء الاسد وعسكروا هناك ودفنوا الرجلين فى قبر واحد فأقام بها الاثنين والثلاثاء والاربعاء وأمر حتى أوقدوا تلك الليالى خمسمائة نار فذهب صيت عسكرهم ونارهم الى كل جانب فكبت الله بذلك عدوّهم فمرّ برسول الله معبد بن أبى معبد الخزاعى بحمراء الاسد وهو يريد مكة وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح رسول الله صلّى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها ومعبد يومئذ كان مشركا فقال يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك فى أصحابك ولوددنا انّ الله عافاك فيهم ثم خرج ورسول الله صلّى الله عليه وسلم بحمراء الاسد حتى لقى أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا الرجعة الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا أصبنا أحدّ أصحابه وقادتهم وأشرافهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم لنكرّن على بقيتهم فلنفرغن منهم فمنعهم صفوان ابن أمية عن ذلك فلما رأى أبو سفيان معبدا قال ما وراءك يا معبد قال محمد قد خرج فى أصحابه يطلبكم فى جمع لم أر مثله قط يتحرّفون عليكم تحرّفا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه فى يومكم وندموا على ما صنعوا وفيهم من الحنق عليكم شئ لم أر مثله قط قال ويلك ما تقول قال والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصى الخيل قال فو الله لقد أجمعنا الكرّة عليهم لنستأصل قال فانى أنهاك عن ذلك والله لقد حملنى ما رأيت ان قلت فيه أبياتا من شعر قال وما قلت قال قلت
كادت تهد من الاصوات راحلتى ... اذ سالت الارض بالجرد الابابيل
وذكر أبياتا فتر ذلك أبا سفيان ومن معه فقذف الله فى قلوبهم الرعب والتزلزل حتى رجعوا عما هموا به فارتحلوا سراعا وذلك قوله تعالى سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب* ومرّ به ركب من عبد القيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة قال ولم قالوا نريد الميرة قال فهل أنتم مبلغون عنى محمدا رسالة أرسلكم بها اليه وأحمل لكم بهذه غدا زبيبا بعكاظ اذا وافيتمونا قالوا نعم قال فاذا وافيتموه فأخبروه انا قد أجمعنا الرجعة والسير اليه والى أصحابه لنستأصل بقيتهم فبعث معبد الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم من يخبره بما وقع من استخبار أبى سفيان عنه وجوابه ومنع صفوان اياه عن الرجعة واندفاعهم الى مكة فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم أرشدهم صفوان وما كان برشيد وقال صلّى الله عليه وسلم وهو بحمراء الاسد حين بلغه انهم هموا بالرجعة والذى نفسى بيده لقد سوّمت لهم حجارة لو صبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب كذا فى سيرة ابن هشام والاكتفاء* فمرّ الركب برسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو بحمراء الاسد فأخبروه بالذى قال أبو سفيان وأصحابه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 448