اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 439
خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطيها وحشيا قاتل حمزة وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ثم علت على صخرة مشرفة فضرخت بأعلى صوتها فقالت
نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان من عتبة لى من صبر ... ولا أخى وعمه وبكر
شفيت نفسى وقضيت نذرى ... شفيت وحشىّ غليل صدرى
فشكر وحشىّ علىّ عمرى ... حتى ترم أعظمى فى قبرى
فأجابتها هند بنت اثاثة بنت عباد بن المطلب فقالت
خزيت فى بدر وبعد بدر ... يا بنت وقاع عظيم الكفر
صبحك الله غداة الفجر ... بالهاشميين الطوال الزهر
بكل قطاع حسام يفرى ... حمزة ليثى وعلىّ صقرى
اذرام شيب وأبوك غدرى ... فخضبا منه ضواحى النحر
ونذرك الشر فشر نذر
وقالت هند بنت عتبة أيضا
شفيت من حمزة نفسى بأحد ... حين بقرت بطنه عن الكبد
أذهب عنى ذاك ما كنت أجد ... من لوعة الحزن الشديد المتقد
والحرب تعلوكم بشؤبوب برد ... تقدم اقداما عليكم كالاسد
وقالت هند بنت عتبة حين انصرف المشركون عن أحد
رجعت وفى نفسى بلا بل جمة ... وقد فاتنى بعض الذى كان مطلبى
من اصحاب بدر من قريش وغيرهم ... بنى هاشم منهم ومن آل يثرب
ولكننى قد نلت شيئا ولم يكن ... كما كنت أرجو فى مسيرى ومركبى
وهند هذه أمّ معاوية بن أبى سفيان وكانت امرأة فيها مكارة وذكورة ولها نفس آنفة وكان المسلمون قد أصابوا يوم بدر أباها عتبة وعمها شيبة وأخاها الوليد فأصابها من ذلك ما يصيب النفوس الشهمة والقلوب الكافرة فخرجت الى أحد مع زوجها ابى سفيان تبغى الانتصار وتطلب الاوتار فهذا قولها يرحمها الله والوتر يقلقها والكفر يخنقها والحزن يحرقها والشيطان ينطقها ثم انّ الله سبحانه هداها الى الاسلام وعبادة الله وترك الاصنام وأخذ بحجزتها عن سواء النار ودلها على دار السلام فصلحت حالها وتبدّلت أقوالها حتى قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فبما قالت والله يا رسول الله ما كان على وجه الارض أهل خباء أحب الىّ أن يذلوا من أهل خبائك وما أصبح اليوم على الارض اهل خباء احب الىّ ان يعزوا من أهل خبائك أو نحو هذا من القول* فالحمد لله الذى هدانا برسوله اجمعين واياه نسأل أن يميتنا على خير ما هدانا اليه لا مبدّلين ولا مغيرين هذا كله فى الاكتفاء* قال ابن اسحاق وقد كان الجليس بن زيان أخو بنى الحارث بن عبد مناة وهو يومئذ سيد الاجابيش قد مر بأبى سفيان وهو يضرب فى شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح ويقول ذق عقق فقال الجليس يا بنى كنانة هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما فقال ويحك اكتمها عنى فانها كانت زلة ثم ان أبا سفيان حين أراد الانصراف أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته أنعمت فعال ان الحرب سجال يوم بيوم بدر أعل هبل أى أظهر دينك كذا فى الاكتفاء* وفى المواهب اللدنية وكان أبو سفيان حين أراد الخروج من مكة الى أحد كتب على سهم نعم وعلى الآخر لا وأجالهما عند هبل فخرج سهم نعم فخرج
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 439