اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 335
ما يكون فى لون الورس ورائحة العنبر وطعم الشهد ما أكل منها جائع الاشبع ولا ظمآن الا روى ولا سقيم الا برئ ولا أكل من ورقها بعير ولا شاة الا درّ لبنها فكنا نسميها المباركة وينتابنا من البوادى من يستشفى بها ويتزوّد منها حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها وصغر ورقها ففزعنا فما راعنا الا نعى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم انها بعد ثلاثين سنة أصبحت ذات شوك من أسفلها الى أعلاها وتساقط ثمرها وذهبت نضرتها فما شعرنا الا بقتل أمير المؤمنين علىّ رضى الله عنه فما أثمرت بعد ذلك وكنا ننتفع بورقها ثم أصبحنا واذا بها قد نبع من ساقها دم غبيط وقد ذبل ورقها فبينا نحن فزعون مهمومون اذ أتانا خبر مقتل الحسين بن على ويبست الشجرة على أثر ذلك وذهبت والعجب كيف لم يشتهر أمر هذه الشجرة كما شهر أمر الشاة فى قصة هى أعلى القصص* ومما وقع لهم فى الطريق انه أقبل النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى المدينة وهو مردف أبا بكر وهو شيخ يعرف والنبىّ صلّى الله عليه وسلم شاب لا يعرف فيلقى الرجل أبا بكر فيقول يا أبا بكر من هذا بين يديك فيقول هذا الذى يهدينى السبيل فيحسب السائل أنه يعنى به الطريق وانما يعنى سبيل الخيبر وفى نهاية ابن الاثير لقيهما فى الهجرة رجل بكراع فقال من أنتم فقال أبو بكر باغ وهاد عرّض ببغاء الابل أى طلبه وهداية الطريق وهو يريد طلب الدين والهداية من الضلالة* ومما وقع لهم فى الطريق انه لقيهم بريدة بن الخصيب الاسلمى* وفى الوفاء روى ابن الجوزى فى شرف المصطفى من طريق البيهقى موصولا الى بريدة انه لما جعلت قريش مائة من الابل ان أخذ النبىّ صلّى الله عليه وسلم ويردّه عليهم حين توجه الى المدينة سمع بريدة بذلك فحمله الطمع على الخروج لقصده صلّى الله عليه وسلم فركب فى سبعين من أهل بيته من بنى سهم فتلقى رسول الله وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يتطير وكان يتفاءل فقال من أنت فقال أنا بريدة بن الخصيب فالتفت النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى أبى بكر فقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم قال ممن أنت قال من أسلم قال صلّى الله عليه وسلم سلمنا قال ممن قال من بنى سهم قال خرج سهمك يا أبا بكر فقال بريدة للنبىّ صلّى الله عليه وسلم من أنت قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله فقال بريدة أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعا قال بريدة الحمد لله أسلم بنو سهم طائعين غير مكرهين فلما أصبح قال بريدة يا رسول الله لا تدخل المدينة الا معك لواء فحل عمامته ثم شدّها فى رمح ثم مشى بين يديه حتى دخلوا المدينة فقال يا نبىّ الله ننزل على من فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان ناقتى هذه مأمورة أين تنزل كذا فى شرف المصطفى لابن الجوزى*
خبر بريدة بن الحصيب
وفى شواهد النبوّة أخبر النبىّ صلّى الله عليه وسلم بنزوله بعده بخراسان بمدينة بناها ذو القرنين يقال لها مرو وبموته بها وبكونه يوم الحشر قائدا لاهل المشرق فكان كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فنزل بريدة فى بعض الغزوات بمرو وتوفى بها بعد الهجرة بستين سنة وقبره هناك معروف قريب من قبر حكم بن عمرو الغفارى وهو أيضا من أصحاب النبىّ صلّى الله عليه وسلم وكان حاكما وقاضيا بمرو وتوفى بها بعد الهجرة بخمسين سنة قال بعض أصحاب الحديث الاحاديث التى وردت فى شأن البلدان لم يتحقق صحتها الا حديث بريدة بن الخصيب* ومما وقع لهم فى الطريق ما روى عن عروة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقى طلحة بن عبيد الله والزبير فى الطريق فى ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشأم فكسا طلحة أو الزبير رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا* قال الحافظ ابن حجر ويحتمل ان كلامن طلحة والزبير أهدى لهما والذى فى السير هو طلحة والاولى الجمع وعند ابن أبى شيبة ما يؤيده والا فما فى الصحيح أصح كذا فى الوفاء* وفى هذه السنة قبل قدوم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة بشهر مات البراء بن معرور وهو أحد النقباء وأوّل من تكلم ليلة العقبة فلما قدم رسول الله انطلق
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 335