اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 325
وهو قول ابن اسحاق الا فى تسمية اليوم فان ابن اسحاق يقول يوم الاثنين والكلبى يقول يوم الجمعة واتفقا لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الاوّل وغيرهما يقول لثمان خلت منه فالاختلاف أيضا فى تاريخ قدومه المدينة كما ترى* وفى الصفوة قال يزيد بن حبيب خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة فى صفر وقدم المدينة فى ربيع الاوّل* وفى الوفاء ذكر موسى بن عقبة عن الزهرى أن الخروج كان فى بقية تلك الليلة وكان ذلك بعد العقبة بشهرين وليال وقال الحاكم بثلاثة أشهر أو قريبا منها ويرجح الاوّل ما جزم به ابن اسحاق من انه خرج أوّل يوم من ربيع الاوّل فيكون بعد العقبة بشهرين وبضعة عشر يوما وكذا جزم به الاموى فقال خرج لهلال ربيع الاوّل وقدم المدينة لاثنتى عشرة ليلة خلت منه قال فى فتح البارى وعلى هذا كان خروجه يوم الخميس وهو الذى ذكره محمد بن موسى الخوارزمى لكن قال الحاكم تواترت الاخبار بأن الخروج كان يوم الاثنين والدخول يوم الاثنين وجمع الحافظ ابن حجر بينهما بأنّ خروجه من مكة كان يوم الخميس أىّ فى أثناء ليلته لما قدمناه وخروجه من الغار يعنى غار ثور ليلة الاثنين لانه أقام فيه ثلاث ليال ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الاحد وخرج فى أثناء ليلة الاثنين كذا فى المواهب اللدنية ومن روى لليلتين لعله لم يحسب أوّل ليلة وكانت مدّة اقامته صلّى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة بضع عشرة سنة ويدل عليه قول صرمة
ثوى فى قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو ألفى صديقا مؤاتيا
وقال عروة عشرا وقال ابن عباس خمس عشرة سنة* وفى رواية عنه عشر سنين ولم يعلم بخروجه الا علىّ وآل أبى بكر* وفى سيرة اليعمرى ولما بلغ ثلاثا وخمسين سنة هاجر من مكة الى المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الاوّل وأقام المشركون ساعة فجعلوا يتحدّثون فأتاهم آت وقال ما تنتظرون قالوا ننتظر أن نصبح فنقتل محمدا قال قبحكم الله وخيبكم أو ليس قد خرج عليكم وجعل على رؤسكم التراب قال أبو جهل أو ليس ذاك مسجى ببرده والآن كلمنا فلما أصبحوا قام علىّ عن الفراش فقال أبو جهل صدقنا ذلك المخبر فاجتمعت قريش وأخذت الطرق وجعلت الجعائل لمن جاء به فانصرفت عيونهم ولم يجدوا شيئا وفى رواية لما قال القائل قد خرج ونثر على رؤسكم التراب فما ترون ما بكم وضع كل رجل منهم يده على رأسه فاذا فيه التراب ثم جعلوا يتطلعون وينظرون من شق الباب فيرون عليا على الفراش متسج ببرد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحسبونه النبىّ صلّى الله عليه وسلم فيحرسونه ويقولون ان هذا المحمد تائم عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فوثبوا عليه فقام علىّ من الفراش فقالوا له أين صاحبك قال لا علم لى قيل انهم ضربوا عليا وحبسوه ساعة ثم تركوه واقتصوا أثر النبىّ صلّى الله عليه وسلم فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم وروى أنه لم يبق أحد من الذين وضع على رؤسهم التراب الا قتل يوم بدر وأنشأ علىّ فى بيوتته فى بيت النبىّ صلّى الله عليه وسلم هذه الابيات
وقيت بنفسى خير من وطئ الثرى ... ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
رسول اله خاف أن يمكروا به ... فنجاه ذو الطول الاله من المكر
وبات رسول الله فى الغار آمنا ... موقى وفى حفظ الاله وفى ستر
وبت أراعيهم وما يثبتوننى ... وقد وطنت نفسى على القتل والاسر
قال الغزالى فى الاحياء ان ليلة بات علىّ بن أبى طالب على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلم أوحى الله تعالى الى جبريل وميكائيل انى آخيت بينكما وجعلت عمر أحد كما أطول من عمر الاخر فأيكما يؤثر صاحبه بحياة فاختار كلاهما الحياة وأحباها فأوحى الله اليهما أفلا كنتما مثل علىّ بن أبى طالب آخيت بينه وبين محمد فبات علىّ على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة اهبطا الى الارض
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 325