اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 319
يدك فبسط يده فبايعوه قال عاصم بن عمرو والله ما قال العباس ذلك الا ليشدّ العقد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فى أعناقهم وقال عبد الله بن أبى بكر والله ما قال العباس ذلك الا ليؤخر القوم تلك الليلة رجاء أن يحضرها عبد الله بن أبى بن سلول فيكون أقوى لامر القوم فالله أعلم أىّ ذلك كان فبنو النجار يزعمون أنّ أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أوّل من ضرب على يده وبنو عبد الاشهل يقولون بل ابو الهيثم ابن التيهان قال كعب بن مالك أوّل من ضرب على يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم البراء بن معرور ثم تتابع القوم قال كعب فلما بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط يا أهل الجباجب هل لكم فى مذمم والصبأة معه قد جمعوا على حربكم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة وفى رواية ابن أزب العقبة لا فرغنّ لك أى عدوّ الله ارجعوا الى رحالكم نصركم الله فقال له العباس بن عبادة بن نضلة والذى بعثك بالحق لئن شئت لنميلنّ غدا على أهل منى بأسيافنا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم نؤمر بذلك ولكن ارجعوا الى رحالكم فرجعنا الى مضاجعنا فنمنا عليها فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاؤنا فى منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج انا قد بلغنا انكم جئتم الى صاحبنا هذا فتستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعون على حربنا والله ما من حىّ من العرب أبغض الينا ان تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم قال فانبعث من هناك من مشركى قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شىء وما علمناه وقد صدقوا لم يعلموا ثم انّ قريشا أتوا عبد الله بن أبى بن سلول فذكروا له ما قد سمعوا من أصحابه فقال وما كان قومى ليتفوّتوا علىّ بمثل هذا وما علمته ثم انهم قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم أتخرج معنا قال ما أمرت به قال رزين وقد قيل وقع بين قريش والانصار كلام فى سبب خروج النبىّ صلّى الله عليه وسلم معهم ثم ألقى الرعب فى قلوب قريش فقالوا ليس يخرج معكم الا فى بعض أشهر السنة ولا تتحدّث العرب بأنكم غلبتمونا فقالت الانصار الامر فى ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن سامعون لامره فأنزل الله على رسوله وان يريدوا أن يخدعوك فانّ حسبك الله أى ان كان كفار قريش يريدون المكربك فسيمكر الله بهم فانصرفت الانصار الى المدينة* وفى سيرة ابن هشام قال ونفر الناس من منى فتفتش القوم الخبر فوجدوه قد كان قال ابن اسحاق وخرجوا فى طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة بأذاخر والمنذر بن عمر وأخا بنى ساعدة ابن كعب بن الخزرج وكلاهما كان نقيبا وقيل انّ قريشا بدالهم فخرجوا فى آثارهم فأدركوا منهم رجلين كانا تخلفا فى أمر فردّوهما الى مكة المنذر والعباس بن عبادة فأدركهما جبير بن مطعم والحارث ابن أمية فخلصاهما فلحقا بأصحابهما وفى رواية انّ الرجلين هما المنذر وسعد بن عبادة فأمّا المنذر فأعجز القوم ونجا وأمّا سعد فأخذوه وربطوا يديه الى عنقه بشسع رحله ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ويجذبونه بجمته وكان ذا شعر كثير ثم خلصه منهم جبير بن مطعم والحارث بن أمية لانه كان يجير لهما تجارتهما ويمنعهم أن يظلموا ببلده*
هجرة أبى بكر الى الحبشة
وفى هذه السنة هاجر أبو بكر الى الحبشة روى أنه لما ابتلى المسلمون وكثر ايذاء المشركين واضرارهم استأذن ابو بكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وخرج نحو أرض الحبشة ولما بلغ برك الغماد لقى ابن الدغنة اسمه ربيعة وهو سيد القارة قال أبن تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجنى قومى فأريد أن أسيح فى الارض فأعبد ربى فقال ابن الدغنة فانّ مثلك يا أبا بكر لا يخرج فانك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ارجع فاعبد ربك ببلدك فرجع أبو بكر فى جوار ابن الدغنة ومكث بمكة يعبد ربه فى داره ويصلى فيها ويقرأ ما يشاء ولا يستعلن بصلاة ولا يقرأ فى غير داره ثم بداله فبنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فتنقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون اليه وكان
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 319