اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 312
القاصرة يقال اذا كان لشخص بعد عن شىء ولا بعد ثمة (فتدلى) يقال اذا كان مكان ولا مكان ثمة (فكان) عبارة عن الزمان ولا عبارة ولا زمان ثمة (قاب قوسين) اشارة الى المقدار ولا اشارة ولا مقدار ثمة (أو) كلمة شك ولا شك ثمة (أدنى) مبالغة فى أن قرب شخص أقرب من الآخر ولا أدنى معه ثمة فان العبارة والافهام قاصرة من ادراك تقرير ذلك ولم يعبر أهل المعرفة عن ذلك المقام الا بهذا المقدار دنا عبدا فتدلى فردا دنا مكيا فتدلى ملكيا دنا قرشيا فتدلى عرشيا دنا مجاهدا فتدلى مشاهدا دنا طالبا فتدلى واصلا دنا ومعه الرحمة فتدلى ومعه المرحمة دنا افتقارا فتدلى افتخارا دنا مناديا فتدلى مناجيا دنا مادحا فتدلى ممدوحا دنا شاكرا فتدلى مشكورا وقيل أحدهما صفة الله والاخرى صفة محمد صلّى الله عليه وسلم ومعناه كان هو يتقرّب الى الله والله يقربه وكان هو يتكلم والله يسمعه وكان هو يسأله والله يعطيه وكان هو يشفع والله يشفعه فكان قاب قوسين أو أدنى كناية عن تأكيد القرية وتقرير المحبة وبسبب التقريب الى الفهم أدّى فى صورة التمثيل وهذا مقام ليس فوقه مقام وللسالكين من الامّة المرحومة المحمدية من هذا المقام نصيب كما ورد بيانه فى الحديث القدسى لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ولهذا كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم اذا ضجر وضاق صدره عن الخلق يقول أرحنا يا بلال ويقول جعلت قرّة عينى فى الصلاة ولذا قيل الصلاة معراج المؤمن كذا فى روضة الاحباب* واختلف فى مناجاته تعالى وكلامه مع النبىّ صلّى الله عليه وسلم فقوله تعالى فأوحى الى عبده ما أوحى الى ما تضمنته الاحاديث فأكثر المفسرين على أن الموحى الله الى جبريل وجبريل الى محمد* وذكر عن جعفر بن محمد الصادق أنه قال أوحى الله اليه بلا واسطة ونحوه عن الواسطى وعلى هذا ذهب بعض المتكلمين الى أن محمدا صلّى الله عليه وسلم كلم ربه فى الاسراء وحكى عن الاشعرى وعن ابن مسعود وذكر النقاش عن ابن عباس فى قصة الاسراء عنه صلّى الله عليه وسلم فى قوله دنا فتدلى قال فارقنى جبريل فانقطعت الاصوات عنى فسمعت كلام ربى وهو يقول ليهد أروعك يا محمد أدن أدن وفى قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله الآية قالوا هى على ثلاثة أقسام من وراء حجاب كتكليم موسى وبارسال الملائكة كحال جميع الانبياء وأكثر أحوال نبينا عليه وعليهم السلام* الثالث قوله وخيا ولم يبق من أقسام الكلام الا المشافهة مع المشاهدة ثم انه تعالى أخفى من الخلق كل ما نسب اليه فى تلك الليلة اشارة الى أنه حبيبه الخاص فقال فى حال مشاهدته لسدرة المنتهى اذ يغشى السدرة ما يغشى وفى الآيات التى أراه لقد رأى من آيات ربه الكبرى وفى التكلم معه فأوحى الى عبده ما أوحى أى أوحى الى عبده محمد فى ذلك المقام* وللعلماء فى بيان ما أوحى خلاف قال بعضهم وهم أهل الاحتياط الاقرب الى الصواب أن لا يعين لانه لو كانت الحكمة والمصلحة فى اظهاره وتعيينه لما أبهمه وقال الآخرون لا بأس بذكر ما بلغنا فى خبر أو أثر أو من جهة الاستدلال والاستنباط ومن ذلك ما ورد فى حديث صحيح ثلاثة أشياء أحدها فريضة الصلوات الخمس وهذا دليل على أن أفضل الاعمال الصلوات الخمس لانها فرضت فى ليلة المعراج بغير واسطة جبريل والثانى خواتيم سورة البقرة والثالث أن يغفر لامّة محمد صلّى الله عليه وسلم كل الذنوب غير الشرك* وورد فى حديث آخر رأيت ربى فى أحسن صورة أى صفة فقال فيم يختصم الملأ الا على يا محمد قلت أنت أعلم أى رب فتجلى لى بالتجلى الخاص الذى عبر عنه صلّى الله عليه وسلم بهذه العبارة فوضع كفه بين كتفىّ فوجدت بردها بين ثديىّ فعلمت ما فى السماء والارض ثم قال فيم يختصم الملأ الاعلى يا محمد قلت فى الكفارات والدرجات قال وما الكفارات قلت المشى على الاقدام الى الجماعات والجلوس فى المساجد خلف الصلوات وابلاغ الوضوء أما كنه فى المكاره من
يفعل ذلك
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 312