اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 300
كلمة تكلم بها أبو طالب أنا أموت على ملة عبد المطلب ثم مات* وفى المواهب اللدنية روى انه عليه السلام كان يقول له عند موته يا عم قل لا اله الا الله كلمة أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة فلما رأى أبو طالب حرص رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له يا ابن أخى والله لولا مخافة قريش يقولون انى انما قلتها جزعا من الموت لقلتها لا أقولها الا لأسرّك بها فلما تقارب من أبى طالب الموت نظر العباس اليه يحرّك شفتيه فأصغى اليه باذنه فقال يا ابن أخى والله لقد قال أخى الكلمة التى أمرته بها فقال صلى الله عليه وسلم انى لم أسمعه قال ولم يكن العباس حينئذ مسلما كذا فى رواية ابن اسحاق انه أسلم عند الموت ورواه البيهقى فى الدلائل من طريق يونس بن بكير عن ابن اسحاق وقال البيهقى انه منقطع والصحيح من الحديث قد أثبت لأبى طالب الوفاة على الكفر والشرك كما رويناه فى صحيح البخارى من حديث سعيد بن المسيب حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا اله الا الله قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنه فأنزل الله تعالى ما كان للنبىّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى وأنزل الله فى أبى طالب فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء* وأجيب أيضا بأنّ أبا طالب لو قال كلمة التوحيد لما نهى الله نبيه عن الاستغفار له* وفى أنوار التنزيل الجمهور على انّ قوله تعالى انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء نزلت فى أبى طالب فانه لما احتضر جاءه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال يا عم قل لا اله الا الله كلمة أحجاج لك بها عند الله قال يا ابن أخى لقد علمت انك لصادق ولكن أكره أن يقال جزع عند الموت فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لاستغفرنّ لك ما لم أنه عنه فاستغفر له بعد موته حتى نزلت ما كان للنبىّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم اصحاب الجحيم وقيل اراد أن يستغفر لامّه فنهى عن ذلك كذا فى العمدة* وفى المواهب اللدنية وفى الصحيح عن ابن عباس انه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ان ابا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك قال نعم وجدته فى غمرات من النار فأخرجته الى ضحضاح وفى رواية يونس عن ابن اسحاق زيادة قال يغلى منها دماغه حتى يسيل على قدميه انتهى* وعن ابى سعيد الخدرى ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه ابو طالب فقال لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة فيجعل فى ضحضاح يبلغ كعبه ويغلى منه دماغه* وعن ابن عباس ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال اهون اهل النار عذابا ابو طالب وهو منتعل بنعلين يغلى منهما دماغه* روى الاحاديث الثلاثة مسلم وروى البخارى ايضا حديث الضحضاح ولفظه ما اغنيت عن عمك فانه كان يحوطك ويغضب لك قال نعم هو فى ضحضاح من النار ولولا انا لكان فى الدرك الاسفل من النار قيل انّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم مسح ابا طالب بعد موته وأنسى تحت قدميه ولذا ينتعل بنعلين من النار
وصية أبى طالب
وفى المواهب اللدنية* حكى عن هشام بن السائب الكلبى او ابنه انه قال لما حضر ابا طالب الوفاة جمع اليه وجوه قريش فأوصاهم فقال يا معشر قريش انتم صفوة الله من خلقه الى أن قال وانى اوصيكم بمحمد خيرا فانه الامين فى قريش والصدّيق فى العرب وهو الجامع لكل ما اوصيكم به وقد جاء بأمر قبله الجنان وانكره اللسان مخافة الشنآن وايم الله كأنى انظر الى صعاليك العرب واهل الوبر والاطراف والمستضعفين من الناس قد اجابوا دعوته وصدّقوا كلمته واعظموا امره فخاض بهم غمرات الموت وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعفاؤها أربابا وانّ أعظمهم عليه أحوجهم اليه وأبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته العرب ودادها وأصفت له فؤادها وأعطته قيادها يا معشر قريش كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد سبيله الارشد
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 300