اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 187
وذكر أهل السيران آمنة بنت وهب لم تحمل حملا ولا ولدت ولدا غيره وكذا أبوه عبد الله لم يبلغنا انه ولد له ولد غيره صلّى الله عليه وسلم وفى الصفوة قال محمد بن كعب خرج عبد الله بن عبد المطلب الى الشام فى تجارة مع جماعة من قريش فلما رجعوا مرّوا بالمدينة وعبد الله كان مريضا فتخلف بالمدينة عند أخواله بنى عدى بن النجار فأقام عندهم مريضا شهرا ومضى أصحابه وقدموا مكة فأخبروا عبد المطلب فبعث اليه ولده الحارث أو الزبير على قول ابن الاثير فوجده قد توفى ودفن فى دار النابغة وهو رجل من بنى عدى* وفى المواهب اللدنية دفن بالابواء فرجع الحارث الى مكة فأخبر أباه فوجد عليه وجدا شديدا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم يومئذ حمل وقيل بعثه عبد المطلب الى يثرب يمتار له تمرا منها فتوفى بها ولعبد الله يوم توفى خمس وعشرون سنة وقيل غير ذلك وقالت آمنة زوجته ترثيه
عفا جانب البطحاء من آل هاشم ... وجاور لحدا خارجا فى الغماغم
دعته المنايا دعوة فأجابها ... وما تركت فى الناس مثل ابن هاشم
عشية راحوا يحملون سريره ... تعاوره أصحابه فى التزاحم
فان يك غالته المنايا وريبها ... فقد كان معطاء كثير التراحم
ولما توفى عبد الله قالت الملائكة الهنا وسيدنا بقى نبيك يتيما فقال الله أناله حافظ ونصير* وفى بعض الكتب لما مات أبوه وصف فى السماء باليتيم وأعلى اليتم ما توفى الوالد والولد فى بطن الامّ فقالت الملائكة الهنا وسيدنا صار نبيك بلا أب فبقى من غير حافظ ومرب قال الله تعالى أنا وليه وحافظه وحاميه وربه وعونه ورازقه وكافيه فصلوا عليه وتبركوا باسمه وسيجىء وفاة أمّه فى الباب الاوّل من الركن الاوّل وترك عبد الله جارية يقال لها أم أيمن بركة الحبشية بنت ثعلب بن حصين بن مالك غلبت عليها كنيتها وكنيت باسم ابنها أيمن الحبشى ماتت فى خلافة عثمان وخمسة أجمال وقطيع غنم فورث ذلك النبىّ صلّى الله عليه وسلم وكانت أمّ أيمن تحضنه* ومن حوادث مدّة حمله قصة أصحاب الفيل من بركة الحمل به وقرب أوان وضعه أهلك الله أصحاب الفيل وجعل كيدهم فى تضليل فيها دلالة ظاهرة على قدرة الله تعالى وعزة نبيه وشرف رسوله صلّى الله عليه وسلم فانها من الارهاصات اذروى أنها وقعت فى السنة التى ولد فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسبحان من خصه بأعظم الفضائل وميزه عن خلقه بأكرم الخصائل وشرّفه ورفع قدره وكرمه وشرح صدره وجعل كل حال من أحواله آية باهرة وكل طور من أطواره معجزة ظاهرة صلوات الله تعالى وسلامه عليه وزاده فضلا وكرما وشرفا لديه* قال الامام فخر الدين الرازى مذهبنا أنه يجوز تقديم المعجزات على زمان البعثة تأسيسا وارهاصا ولذلك كانت الغمامة تظله عليه السلام يعنى قبل البعثة وخالفه السيد الشريف تبعا لغيره فاشترط فى المعجزة أن لا تتقدّم على الدعوى بل تكون مقارنة لها فما وقع من الخوارق قبل دعوى الرسالة فانها ليست بمعجزات انما هى كرامات ظهورها على الاولياء جائز والانبياء قبل نبوّتهم لا يقصرون عن درجة الاولياء فيجوز ظهورها عليهم أيضا وحينئذ تسمى ارهاصا أى تأسيسا للنبوّة صرّح به العلامة السيد الجرجانى فى شرح المواقف وغيره وهو مذهب جمهور أئمة الاصول وغيرهم (فان قلت) الحجاج خرب الكعبة ولم يحدث شىء مثل ما حدث لا برهة من البلاء (الجواب) أن ذلك وقع ارهاصا لامر نبينا صلّى الله عليه وسلم والارهاص انما يحتاج اليه قبل قدومه عليه السلام فلما ظهر وتأكدت نبوّته بالدلائل القطعية لا حاجة الى شىء من ذلك والله أعلم كذا فى المواهب اللدنية روى انه لما كان المحرّم سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذى القرنين وكان قد مضى من ملك كسرى أنوشروان اثنتان وأربعون سنة وكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم حملا فى بطن أمه حضر ابرهة
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 187