اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 127
موضعه من كثرة ماله ومواشيه فقالوا له ارحل عنا فقد آذيتنا بمالك أيها الشيخ الصالح وكانوا يسمونه بذلك فقال لهم نعم فلما همّ بالرحيل قال بعضهم لبعض جاءنا وهو فقير وقد جمع عندنا هذا المال كله فلو قلنا له أعطنا شطر مالك وخذ الشطر فقالوا له ذلك فقال لهم صدقتم جئت وكنت شابا فردّوا علىّ شبابى وخذوا ما شئتم من مالى فخصمهم ورحل فلما كان وقت ورود الغنم الماء جاءوا يستقون فاذا الآبار قد جفت فقال بعضهم لبعض الحقوا الشيخ الصالح واسألوه الرجوع الى موضعه فانه ان لم يرجع هلكنا وهلكت مواشينا فلحقوه فوجدوه بالموضع الذى يعرف بالمغارة وسألوه أن يرجع فقال انى لست براجع ودفع لهم سبع شياه من غنمه وقال اذهبوا بها معكم فانكم اذا أوردتموها البئر ظهر الماء حتى يكون عينا معينا ظاهرا كما كان واشربوا ولا تقربها امرأة حائض فرجعوا بالاعنز فلما وقفت على البئر ظهر الماء فكانوا يشربون منها وهى على تلك الحالة وأتت امرأة حائض واغترفت فغاض ماؤها ورحل ابراهيم عليه السلام ونزل اللجون فأقام بها ما شاء الله ثم أوحى الله اليه أن انزل ممرى فرحل ونزل عليه جبريل وميكائيل بممرى وهما يريدان قوم لوط فخرج ابراهيم ليذبح العجل فانفلت منه ولم يزل حتى دخل مغارة حبرون فنودى يا ابراهيم سلم على عظام أبيك آدم فوقع ذلك فى نفسه ثم ذبح العجل وقرّبه اليهم وكان شأنه ما قص الله عز وجل فى كتابه فمضى ابراهيم معهم الى قريب من ديار لوط فقالوا له اقعد ها هنا فقعد وسمع صوت الديك فى السماء فقال هو الحق اليقين فأيقن بهلاك القوم فسمى ذلك الموضع مسجد اليقين وهو على نحو فرسخ من بلد ابراهيم عليه السلام ثم رجع ابراهيم*
أوّل من شاب ابراهيم
قال أهل السير أوّل من شاب من بنى آدم ابراهيم عليه السلام ولما رأى الشيب فى لحيته قال يا رب ما هذا أجيب بأنه وقار قال رب زدنى وقارا وفى رواية قال الحمد لله الذى بيض القار وسماه الوقار* وفى كتاب المغازى لابن قتيبة لما ولد اسحاق من سارة تعجب الكنعانيون فقالوا ألا ترون هذا العجوز والعجوزة تبنيا لقيطا ولم يكونوا يصدّقون أن يولد لابراهيم ولد اذ عمره تجاوز المائة فجعل الله صورة اسحاق شبيهة بابراهيم بحيث لما التحى لم يفرق بين الاب والابن فجعل الله الشيب علامة لابراهيم يمتاز به عن اسحاق* وفى شفاء الغرام والعرائس عاشت سارة مائة وسبعا وعشرين سنة* وفى العرائس ماتت سارة بالشأم بقرية الجبابرة من أرض كنعان فى حبرون فدفنت بمزرعة اشتراها ابراهيم وكانت هاجر قد ماتت قبل سارة بمكة ودفنت فى الحجر* قيل عاش ابراهيم بعد سارة خمسين سنة* وفى الانس الجليل عن كعب الاحبار أوّل من دفن فى حبرون سارة وذلك لما ماتت خرج ابراهيم يطلب موضعا ليقبرها فيه رجاء أن يجد بقرب ممرى موضعا فمضى الى عفرون وكان ملك الموضع وكان مسكنه حبرى فقال له ابراهيم بعنى موضعا أقبر فيه من مات من أهلى فقال عفرون قد أبحتك ادفن حيث شئت من أرضى قال انى لا أحب الا بالثمن فقال له أيها الشيخ الصالح ادفن حيث شئت من أرضى فأبى عليه وطلب منه المغارة فقال له أبيعكها بأربعمائة درهم وزن كل درهم خمسة دراهم وكل مائة درهم ضرب ملك وأراد بذلك التشديد عليه كيلا يجد فيرجع الى قوله وخرج ابراهيم من عنده فاذا جبريل فقال له ان الله قد سمع مقالة الجبار وهذه الدراهم ادفعها اليه فأخذها ابراهيم ودفعها الى الجبار فقال له من أين لك هذه الدراهم فقال له من عند الهى وخالقى ورازقى فأخذها منه وحمل ابراهيم سارة ودفنها فى المغارة فكانت أوّل من دفن فيها وتوفيت وهى بنت مائة وسبع عشرة سنة وقيل مائة وسبع وعشرين سنة وعاش ابراهيم مائتى سنة وعليه أكثر العلماء وقيل مائة وخمسا وتسعين سنة وقيل مائة وخمسا وسبعين سنة كذا فى الحدائق*
(ذكر وفاة ابراهيم عليه السلام)
* قال أهل السير لما أراد الله قبض روح ابراهيم أرسل اليه ملك الموت فى صورة شيخ هرم فأطعمه فجعل الشيخ يأخذ اللقمة ليضعها فى فيه
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 127