اسم الکتاب : بهجة المحافل وبغية الأماثل المؤلف : العامري الحرضي الجزء : 1 صفحة : 43
واستخرجا منه علقة سوداء وقالا هذا حظ الشيطان منك ثم ملآه حكمة وايمانا ثم لأماه ثم وضعا الخاتم بين كتفيه ولم يكن الخاتم لنبي قبله* ففيه اشارة الى انه صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته عائشة ثالثها ليلة الاسراء كما في صحيح مسلم رابعها عند تمام عشر سنين من مولده كما في الدلائل لابي نعيم من حديث أبي هريرة وأخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد مسند أبيه ولفظه قال أبو هريرة قلت يا رسول الله ما أوّل ما ابتدئت به من أمر النبوة قال اني لفي صحراء واسعة أمشي وأنا ابن عشر حجج اذا أنا برجلين فوق رأسي يقول أحدهما لصاحبه أهو هو قال نعم فأخذاني فأضجعاني لحلاوة القفا ثم شقا بطني وكان أحدهما يختلف بالماء في طست من ذهب والآخر يغسل جوفي فقال أحدهما لصاحبه افلق صدره فاذا صدري فيما أرى مفلوقا لا أجد له وجعا ثم قال اشقق قلبه فشق قلبي فقال اخرج الغل والحسد منه فأخرج شبه العلقة فنبذه ثم قال ادخل الرأفة والرحمة قلبه فأدخل شيئا كهيئة الفضة ثم أخرج ذرورا كان معه فذر عليه ثم نقر إبهامى ثم قال اغد فرجعت بما لم أغد به من رحمتي للصغير ورأفتى بالكبير (قلت) الحكمة في تكرير الشق أربعا ان الشق انما هو لاذهاب حظ الشيطان منه وقد علم من صحيح الحديث جريانه من ابن آدم مجرى الدم والدم يستمد من الطبائع الاربع فقطع في كل مرة من مرات الشق مدده من طبيعة ولم يطلع على هذه من قال كالسهيلي في شق صدره ثلاثا مناسبة لمشروعية الطهارة في شرعه ثلاثا واختلف فيه هل هو من الخصائص أولا والصحيح الاول كما سيأتي قريبا (هذا حظ الشيطان منك) أي هذا الموضع الذي يوسوس فيه الشيطان من بني آدم أخرجناه لينقطع طمعه فيك وسمي الشيطان شيطانا لبعده عن الخير وتماديه في الشر من قولهم بئر شطون بوزن فعول اذا كانت بعيدة العمق (فملآه حكمة وايمانا) وفي رواية مسلم وغيره جاءوا بطست من ذهب ممتليء حكمة وايمانا فأفرغوهما في صدري ثم هل مثلا جسما كما يمثل الموت كبشا قال النووي انه مجاز وكانه كان في الطست شيء يحصل به كمال الايمان والحكمة فسمي ايمانا وحكمة لكونه سببا لهما (ثم لأماه) أي بعد ان غسلاه بماء زمزم فمن ثم فضل سائر المياه ما عدا الماء النابع من أصابعه صلى الله عليه وسلم (ثم وضعا الخاتم) فيه أربع لغات فتح الفوقية وكسرها وختيم وخيتام (بين كتفيه) أي تحت طرف أسفل كتفه الايسر حيث يوسوس الشيطان من بني آدم وسيأتي بسط الكلام في صفة الخاتم في محله ان شاء الله تعالى* ثم اعلم ان عياضا رحمه الله أخذ بظاهر هذا الكلام وقال ان خاتم النبوة الذي بين كتفيه هو أثر شق الملكين وجرى عليه المصنف فيما سيأتي وهو كما قال النووي ضعيف بل باطل لان شق الملكين انما كان في صدره وبطنه ولأن مقتضاه ان الخاتم لم يكن معه قبل الشق وهو مخالف لحديث حسن مروي عن عائشة رضي الله عنها دال على انه ولد به بين كتفيه وكذلك كان يعرفه أهل الكتابين التوراة والانجيل حتى كانوا يرحلون اليه ويطلبون الوقوف عليه ووصفه بذلك غير واحد من أحبار الشام واليمن كسيف بن ذي يزن وقال بعضهم كان الخاتم في الموضعين الأوّل ما مر وهو الذي ولد به والثاني ختم به جبريل ما حشا به صدره من الايمان والحكمة فهذا من جهة الصدور ذلك من جهة الظهر وأخفى الذي من جهة الصدر لانه ختم به على أسرار الحكمة والايمان وأظهر الذي من جهة الظهر لانه ختم به باب وسوسة الشيطان وهو جمع حسن (ولم يكن الخاتم لنبي قبله) وقيل بل كان لهم ولكن كان من الجانب الايمن (ثم قال أحدهما لصاحبه) أي قال جبريل لميكائيل (زنه بعشرة الى آخره)
اسم الکتاب : بهجة المحافل وبغية الأماثل المؤلف : العامري الحرضي الجزء : 1 صفحة : 43