اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 41
على أساس ولا ينهض بها دليل[1].
أجل -لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر ويقبله أحيانًا ولكن ليس ذلك شرطًا في صحة الطواف ولا في صحة الحج والعمرة[2]، وإنما هو لحكمة يعلمها الله وإن خفيت علينا، وهي الحكمة التي خفيت من قبل على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما قبل هذا الحجر، ثم قال: "والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أن رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك"[3].
ويعجبني قول بعض الشعراء حينما منعه الزحام عن تقبيل الحجر واستلامه فاكتفى بالإشارة إليه ثم أنشد:
أقول وقد زوحمت عن لثم أسود ... من البيت إن تحجب فما السر يحجب
فإنك مني في المحل الذي به ... مكان سواد العين أو أنت أقرب
... ولقد تعرض الحجر الأسود لأحداث كثيرة، ولولا أن الله قدر له الحفظ والبقاء لعصفت به الكوارث، وتبدد بين ركام الحوادث. فعندما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وبين الأمويين أعاد عبد الله بناء الكعبة بعد تصدعها على يدي [1] إلا عند من يعتمد في ذلك على ما في "صحيح البخاري" 1611 وغيره عن ابن عمر أنه سأله رجل عن استلام الحجر فقال ابن عمر: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلمه ويقبله.
قال الرجل: أرأيت إن زحمت، أرأيت إن غلبت.
قال ابن عمر: اجعل "أرايت باليمن".
وقال الحافظ ابن حجر في "الشرح" 3/ 476: والظاهر أن ابن عمر لم ير الزحام عذراً في ترك الاستلام، وقد روى سعيد بن منصور من طريق القاسم بن محمد قال: رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمي ... انتهى.
وعلى كل حال فإنه يسع المسلم ما وسع نبيه -صلى الله عليه وسلم- من جواز الترك للاستلام، وقد كان ابن عباس وغيره من الصحابة يكرهون المزاحمة، وقال ابن عباس: لا يؤذي ولا يؤذى. [2] بدليل تركه لذلك كما في الحديث الماضي عن ابن عباس. [3] رواه البخاري 1610 وغيره.
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 41