اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 29
أصاب الكعبة سيل جارف صدع جدرانها، فهدمتها قريش بعد تردد، ثم أعادت بناءها، حتى إذا وصلوا إلى مكان الحجر الأسود اختلفوا وكادت تنشب بينهم حرب طاحنة لولا أنهم احتكموا إلى أول داخل من باب الصفا، فكان هذا الداخل محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- وهو المعروف لديهم بالأمين. فاستبشروا به وحكموه فيما شجر بينهم.
فرأى بحكمته أن يضع الحجر في ثوب، ثم طلب إلى رؤساء القبائل المتنازعة أن يرفعوه، ثم وضعه بيده في مكانه[1]. [1] مختصر من سيرة ابن هشام 1/ 204- 209، و"الروض الأنف" 1/ 225، و"المواهب اللدنية" 1/ 193، وغير ذلك.
ولم يسند ابن إسحاق هذه الرواية بإسناد معتبر، فتارة يقول: حدثني بعض من يروي الحديث، ومرة يقول: حُدِّثنا، وثالثة يقول: زعم بعض أهل الرواية.
وأنا أنقل هنا أصح ما جاء في ذلك من الروايات المسندة:
أ- عن جابر قال: لما بُنيت الكعبة، كان العباس والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينقلان من الحجارة فقال العباس: اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء، فقال: "إزاري إزاري" فقام فشد عليه إزاره.
أخرجه أحمد 1/ 380، والبخاري رقم "1852"، ومسلم "3/ 121" وغيرهم.
وجابر وإن لم يشهد الواقعة، فلعله سمع ذلك من العباس أو ممن يثق به.
ب- عن عبد الله بن السائب قال:
كنت فيمن بنى البيت، وأخذت حجرًا فسويته ووضعته إلى جنب البيت، وإن قريشًا اختلفوا في الحجر حين أرادوا وضعه، حتى كاد أن يكون بينهم قتال بالسيوف، فقالوا: اجعلوا بينكم أول رجل يدخل من الباب.
فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانوا يسمونه الأمين -في الجاهلية- فقالوا: قد دخل الأمين، يا محمد قد رضينا بك.
فدعا بثوب فبسطه ... -فذكر مثل ما عند ابن إسحاق.
أخرجه أحمد، كما في "المجمع" 3/ 292، والحاكم في "المستدرك" 1/ 458، وأبو نعيم في "الدلائل" ص175، وغيرهم بسند رجاله ثقات، لكن هلال بن خباب أحد رواته تغير حفظه في آخر أمره.
ج- عن علي بن أبي طالب:
-وذكر حديثًا طويلًا فيه جميع ما جاء عند عبد الله بن السائب-...... =
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 29