اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 17
والقول الراجح أنهما غير ثابتتين[1]، وأنهما على فرض صحتهما ليستا بناء كاملًا للبيت وإنما هو مجرد تأسيس [2]، ولكن الذي لا شك فيه أن إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- هما اللذان رفعا قواعد البيت الحرام، وفي ذلك يقول الله -عز وجل- في محكم كتابه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [3].
ثم انتقل أمر المسجد الحرام إلى الجراهمة الذين صاهرهم إسماعيل، وظل في أيديهم قرابة ألف عام، ثم آل أمر البيت بعد ذلك إلى قبيلة خزاعة التي أصبحت صاحبة السيادة والسلطان في مكة.
واستمر المسجد الحرام في أيديهم أكثر من قرنين من الزمان، وكثيرًا ما كانت [1] قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 163 في قصة بناء البيت العتيق:
لم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيًّا قبل الخليل إبراهيم عليه السلام.
ومن تمسك في هذا بقوله تعالى: {مَكَانَ الْبَيْتِ} ، فليس بناهض ولا ظاهر؛ لأن المراد مكانه المقدر في علم الله، المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم، وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه -على الموضع- قبة، وأن الملائكة قالوا: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يومًا، ونحو ذلك.
ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل.
وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها، فأما إن ردها الحق فهي مردودة، وقد قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} ... {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ، أي الحجر الذي كان يقف عليه قائمًا لما ارتفع البناء عن قامته، فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ليرتفع عليه ... إلى آخر ما قال ابن كثير.
وقد رجع ابن كثير في "البداية" "2/ 298 - 299" فذكروا روايات بني إسرائيل في ذلك، وأعاد التأكيد أنه لا يصح إلا أن البيت من بناء إبراهيم عليه السلام. [2] أو بيان للموضع وحدوده فقط. [3] سورة البقرة، الآية 127.
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 17