responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار    الجزء : 1  صفحة : 123
مرة، فطعنها في قبلها بحربة في يده فماتت، وشددوا العذاب على عمار بتعريضه للشمس المحرقة بين صخور مكة ورمالها تارة، وبوضع الصخر على صدره تارة أخرى، قائلين له: لا تُترك حتى تسب محمدًا وتقول في اللات والعزى خيرًا ففعل فتركوه. فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يبكي، فقال: "ما وراءك؟ " قال: شر يا رسول الله، كان الأمر كذا وكذا، وقص عليه الخبر، فقال: "فكيف تجد قلبك؟ " قال: أجده مطمئنًا بالإيمان، فقال: "يا عمار إن عادوا فعد"، فأنزل الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [1].
وكذلك ما روي عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- فلقد كان من السابقين في الإسلام، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبه ويألفه قبل النبوة، ولما أسلم أخذه الكفار وسحبوه على وجهه وعذبوه عذابًا شديدًا، فنزعوا ثوبه عن جسده وألقوه على الرمضاء وجاءوا بالحجارة المحماة ووضعوها على ظهره، ولووا رأسه، كل من أجل أن يعود في الكفر ولكنه لم يجبهم إلى شيء مما أرادوا، ولم يزده التعذيب إلا إيمانًا وتثبيتًا[2].
ولقد اشتكى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما يقاسيه في سبيل الله طالبًا منه التوجه إلى الله

[1] سورة النحل، الآية 106.
وقد عزا السيوطي القصة من حديث ابن عباس لابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه. ومن حديث عمار لعبد الرزاق، وابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والحاكم وصححه، والبيهقي في "الدلائل".
ومن حديث محمد بن سيرين، وأبي مالك، وأبي المتوكل، ومجاهد وغيرهم، عزاه لجماعة، كما في "الدر المنثور" 4/ 249-250 وانظر ما مضى.
[2] جاءت قصة تعذيبه من وجهين مرسلين، عن الشعبي وقتادة، كما في "أسد الغابة" 2/ 103، ومن وجه ثالث مرسل عن عروة بن الزبير، ورابع عن أبي ليلة الكندي، عند ابن سعد في "الطبقات" 3/ 165.
وهذه الوجوه يشد بعضها بعضًا. وانظر الآتي. و"الكامل" 2/ 46، و"البداية" 3/ 60 وغير ذلك.
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست